فى الوقت الذى نطالب فيه قوى اليسار بالبحث بجدية عن أسباب إخفاقها فى انتخابات مجلس النواب، أطالبهم أنا، وكما ذكرت فى مقالى أمس، بالبحث عن أسباب نجاح مرشحين منهم، صحيح أنهم عدد قليل، لكن دراسة تجربتهم عمليا وبجدية، ستضع أيدينا على أسباب النجاح والفشل، بما يؤدى إلى عدد أكبر بكثير فى الانتخابات المقبلة، خاصة أن الأرض مهيئة لهم أكثر من أى وقت مضى، وذكرت فى مقالى أمس أن النجاح يشمل هؤلاء الذين خاضوا الانتخابات ووصلوا إلى مرحلة الإعادة ولم ينجحوا، وهؤلاء الذين حصلوا على أصوات مشرفة تؤهلهم لأن يكونوا مرشحين أقوياء مستقبلا، وأقدم تجربة لواحد كان بينه وبين النجاح خطوة واحدة هو المحترم سامى عبدالوهاب فى دائرة بنها، والذى حصل فى جولة الإعادة على 13 ألفا و800 صوت فى مقابل 15 ألف لمنافسه اللواء مصطفى كمال الدين حسين ابن كمال الدين حسين أحد القيادات البارزة لثورة 23 يوليو 1952.
أعرف سامى عبدالوهاب، والكتابة عنه كمرشح واجبة لمثل نموذجه ممن خاضوا المعركة الانتخابية بشرف وطهارة ونزاهة واستقامة، وإذا كان كل النواب الذين نجحوا أصبحوا تحت الأضواء، بما يجعل حسابهم عسيرا ليس من ناخبيهم وفقط وإنما من كل المصريين، فإنه من المطلوب ألا نغفل هؤلاء الذين كانوا فى المنافسة وبقوة، خاصة الذين هم فى الأصل قيادات شعبية فى دوائرهم، بارتباطهم الوثيق والدائم مع ناسها، وسامى عبدالوهاب واحد من هؤلاء.
تجربة سامى عبدالوهاب هى تجربة السياسى الذى يصعد تدريجيا من وسط الناس، وبقدر ما يمتلك مهارة التواصل مع البسطاء بالدرجة الأولى، يمتلك فى نفس الوقت رؤية سياسية تنحاز لهم قولا وفعلا، فانتماؤه الناصرى يترجمه على قاعدة ذهبية تتمثل فى أنه لكى تكون مناضلا صحيحا فلا بد أن يتأكد الناس من أنك تعمل بالفعل عندهم وليس هم الذين يعملون عندك، والفرق بين المعنيين كالفرق بين السماء والأرض، وتطبيقا لذلك دخل المجلس المحلى لمركز بنها وقت نظام مبارك، فى وقت انصرف فيه كل القوى السياسية الأخرى تقريبا عن هذه المهمة، وطوال فترة وجوده فى المجلس المحلى أصبح نجمه بلا منازع باستجواباته وطلبات الإحاطة عن الفساد، وطرح الأفكار الخلاقة من أجل تنمية مدينة بنها عاصمة القليوبية، وإلى جانب ذلك فإن كل من يعرفه كان يراه حاملا حقيبته المملوءة بطلبات الناس لإنهاء خدماتهم، وفوق كل هذا عاش نظيفا يكسب قوت يومه من الحلال، ويقاوم الفساد بكل شراسة أينما وجد.
هكذا كان الطريق يتهيأ لـ«سامى عبدالوهاب» كى يكون نائبا برلمانيا حقيقيا، وترشح ليصبح واحدا من فرسان المعركة الانتخابية فى محافظة القليوبية، معتمدا على رصيده الشعبى، وتجاوب الناخبين مع برنامجه الانتحابى وحماس قاعدته الانتخابية من أهله فى بلدته «أتريب» التابعة لـ«بنها» والمتداخلة معها جغرافيا، كان واحدا من القليلين الذين عرضوا برنامجا مكتوبا على الناخبين، ليكون هناك عقد بينه وبينهم يمكن الحساب عليه فى حال نجاحه، وتلك مسألة افتقدها كثيرون غيره.
وصل سامى عبدالوهاب إلى مرحلة الإعادة، فواجه حربا شرسة تداخل فيها المال السياسى مع الأكاذيب، وفيما تباهى هو أمام الجميع بكونه ابن فلاح شريف، وجد من يعقد مقارنة بينه وبين المنافس: «هو ابن مين وأنت ابن مين»، كان ذلك دالا على «فَلَس سياسى» ممن اعتمدوا هذا القول، واللعب بأوراق خارج القواعد الأخلاقية، وفى نفس الوقت صمم هو على ألا يخوضها بهذا الأسلوب حتى يبقى نموذجا أمام الناخبين، وليرسخ قواعد أصيلة للديمقراطية حتى لو طبقها وحده.
تجربة سامى لم تنته، فقاعدته الجماهيرية زادت، وأظنه نائبا قادما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة