تقرير أمريكى يؤكد تهجير الملايين منهم
فى زمن الاضطرابات والحروب الأهلية كل شىء متاح ومباح خاصة إذا كان أحد طرفى الحرب هو تنظيم همجى لا يعرف إلا لغة الذبح والقتل والحرق مثل تنظيم داعش أو القاعدة أو الإخوان وهذا الثلاثى هو من أبرز التنظيمات الإرهابية التى تؤمن بالاستئصال، فـ«داعش» يقوم بقتل وطرد وتهجير كل من هو غير مسلم، والقاعدة تقوم باستئصال كل من يتعامل مع الأمريكان، و«الإخوان» تستأصل كل من يرفض عودة مرسى، الجميع يستخدمون كل وسائل الإقصاء واقتلاع الخصم من وطنه، وهو ما جعل مركز «التقدم الأمريكى» يؤكد الوضع المتردى للمسيحيين فى المنطقة فى سياق التغييرات السياسية والنزاعات الضخمة التى تعصف بالمنطقة والتى تشمل الانتفاضات العربية والحروب الأهلية التى انبثقت منها، والآثار الكارثية على المسيحيين الناتجة من الاقتتال السنى- الشيعى، كما يوضح التقرير انحسار عدد المسيحيين فى المنطقة فى سياق التغييرات والأنماط الديموغرافية والسياسية والاقتصادية فى المنطقة منذ عشرات السنين والتى تفسر هجرة المسيحيين، لكنه يركز على الأخطار الجسيمة الناجمة عن أعمال العنف والترهيب التى تستهدف المسيحيين كمسيحيين.
وأهمية التقرير، وعنوانه «معاناة المسيحيين فى الشرق الأوسط: دعم الحريات الدينية والتسامح فى زمن الاضطرابات» تنحصر فى أنه لا يقتصر على شرح معاناة المسيحيين فحسب، بل يقدم عددا من المقترحات والتوصيات العملية للولايات المتحدة كى تضطلع بدور أهم لمعالجة هذا التحدى الملح. ويشير التقرير إلى أن وضع المسيحيين فى المنطقة «هو مؤشر مهم لطبيعة المنطقة التى ستبرز بعد هذه المرحلة الانتقالية المضطربة». ويضيف: «لكن الصورة الكبيرة تبدو قاتمة، وردود الفعل من الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها من الدول النافذة على هذه الموجة التدميرية الجديدة بقيت هامشية».
ويتفادى التقرير التعميم، ويتطرق إلى الأوضاع المختلفة للطوائف المسيحية فى بعض الدول العربية مثل لبنان والعراق وسوريا ومصر، وينبه إلى خطأ استخدام المصطلحات التعميمية عن المسيحيين وسبل تحسين أوضاعهم، ذلك أن أوضاع المسيحيين فى مصر ولبنان رغم الصعوبات الراهنة هو أفضل من وضع المسيحيين فى سوريا أو العراق، ويبرز التقرير فى مستهله صعوبة التثبت من العدد الحقيقى للمسيحيين فى المنطقة، موضحا أن التقديرات تراوح بين 7,5 ملايين و15 مليونا معظمهم فى مصر وسوريا ولبنان.
ويرى أنه «إذا استمرت عملية اقتلاع إحدى أهم الفئات الدينية فى العالم من الشرق الأوسط، فإنه ستكون لذلك عواقب سلبية على مفاهيم التعددية والتسامح وعلى قدرة شعوب المنطقة على العيش المشترك والتفاعل مع بقية العالم». ويبرر التقرير الاهتمام بالمسيحيين فى المنطقة «بكونهم يمثلون فئة مهمة لها جذور عميقة فى المنطقة، ويعتبر وضعهم بمثابة باروميتر عن قدرة الذين ينتمون إلى الأديان الأخرى أو غير المؤمنين على التعايش والتقدم فى المستقبل فى الشرق الأوسط». ويركز على أن النزاعات فى المنطقة هى فى جوهرها نزاعات على السلطة السياسية وتستخدم المذاهب والعصبية الدينية لأغراض التعبئة.
ويوصى التقرير بالتعامل الحذر مع مسألة توفير تأشيرات دخول «فيزا» للمسيحيين فى المنطقة، لئلا يفسر ذلك بأنه تشجيع على الهجرة أو على معاملتهم بطريقة خاصة، كما يوصى باستخدام القدرات الأمريكية فى مجال الاتصالات لتشجيع الحريات الدينية والتعددية، وعلى توسيع مجالات التطور الاقتصادى وجهود الإصلاح، إلى الاستثمار فى مجالات التعليم وسيلة لتعزيز الحريات الدينية والتعددية.