أعلنت لجنة تحكيم جائزة «نجيب محفوظ» التى تنظمها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، يوم السبت الماضى، اسم اللبنانى «حسن داود» ليكون الفائز بدورتها الأخيرة عن روايته «لا طريق إلى الجنة» وبهذا الفوز تأكد لنا جميعا أن جملة «جائزة نجيب محفوظ تمنح سنة لمصرى وسنة لعربى من دولة أخرى» قد بطلت تماما.
فللسنة الثالثة على التوالى نجيب محفوظ ليس مصريا، فقد كانت الجائزة العام الماضى من نصيب السودانى «حمور زيادة» عن روايته «شوق الدرويش»، والسنة التى سبقتها كانت للسورى خالد خليفة عن روايته «لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة» بينما كان عزت القمحاوى آخر المصريين الفائزين بها عام 2012 عن روايته «بيت الديب».
ليس القصد من هذا الكلام هو العنصرية والتمييز ضد فوز العرب بالجائزة، لكن فقط نتوقف لدراسة دلالة هذا «الغياب» الذى يطرح ثلاث دلالات لا رابع لها، فإما أن الجائزة تريد أن توسع دائرتها وتمد أطرافها لكل الدول العربية.. وإما أن الروايات المصرية فى السنوات الثلاث تأخرت وأصابها الجدب، وبالتالى لم ينتج المصريون أدبا على حجم جائزة أبيهم الروحى «نجيب محفوظ».. و«الثالثة» أن المصريين يحجمون عن المشاركة فى هذه الجائزة.
فى الحالة الأولى المتعلقة «باتساع الدائرة» تصبح الجائزة متهمة بأنها تحدد بداية حجب الجائزة عن دولة معينة لأنها سبق وحصل أحد مبدعيها على الجائزة.. أو أن تحدد «الجهة المنظمة» مسبقا وجهة نظرها القادمة وتختار بلدا عربيا جديدا بعيدا عن مركزية «مصر»، وتقصد الجائزة من وراء ذلك فتح باب أوسع للانتشار، خاصة أن هذه الجائزة ورغم قلة عائدها المادى، بالمقارنة مع جوائز أخرى، تحتل مكانة معنوية وأدبية عالية لأنها تحمل اسم الأديب العالمى نجيب محفوظ، ولكن حتى الآن لا يوجد دليل مادى على أن المسؤولين عن الجائزة يفكرون بهذه الطريقة هذا الكلام المتعلق بـ«اتساع الدائرة».
أما الدلالة الثانية والمتعلقة بـ«جدب الرواية المصرية» وأنها تمر بسنوات عجاف نقول هذا الكلام على الرغم من كثرة الإنتاج الروائى الملحوظ فى الفترة الأخيرة، وتسابق دور النشر العامة والخاصة على نشر الكتابات السردية خاصة الرواية على حساب أنواع أدبية أخرى مظلومة أهمها الشعر، هذا السبق الكتابى لم يصحبه «وجود» حقيقى، كما هو واضح، بالطبع لا يمكن من خلال جائزة ما الحكم على «إنتاج بلد بحجم مصر ومبدعيها»، لكنه فقط ناقوس خطر لمبدعينا حتى لا يسقطوا فى دائرة الرواية السهلة.
الدلالة الثالثة تتمثل فى أن المبدعين المصريين لا يشتركون فى هذه الجائزة لأنهم يبحثون عن الجوائز المالية الكبرى التى تقدمها المؤسسات العربية التى تتجاوز قيمتها الآلاف المؤلفة، هذا مع العلم بكون الفوز بجائزة «نجيب محفوظ» لا يمنع المشاركة فى جوائز أخرى لكنها تقلل فرص الكسب كما حدث مع «شوق الدرويش» فى العام الماضى التى كانت تستحق أن تفوز بـ«البوكر» أيضا، لكن حصولها على «نجيب محفوظ» قلل فرصتها، وفى هذه الحالة على الروائيين أن يراجعوا أنفسهم فـ«نجيب محفوظ» أفضل وأبقى.