التدهور سيظل مستمراً إذا لم نواجه الأزمات
فى 14 مايو من العام الماضى التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، المرشح لرئاسة الجمهورية وقتها، بعدد كبير من الفنانين المصريين وبحث معهم إمكانية النهوض بالفن عموما والسينما المصرية بالأخص، وأكد فى اللقاء دور الفن والثقافة فى نشر الوعى ضد التطرف والتشدد.
الرئيس تحدث فى هذا اللقاء عن الأهمية الاقتصادية للسينما المصرية التى كانت تعد ثانى مصادر الدخل القومى المصرى بعد محصول القطن بما يعنى أن صناعة السينما كانت جزءا مهما من الدخل القومى فى مصر مثل باقى الدول المتقدمة التى ترى فى السينما شريكا فى النهوض الاقتصادى.
لا أعرف ماذا حدث بعد الاجتماع، وهل تشكلت لجان لبحث أزمة السينما المصرية والصعوبات التى تواجهها والمشاكل التى تعانى منها وكيفية النهوض بها من جديد؟ ولماذا لم يتم تفعيل لجنة السينما التى شكلها المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، لبحث عودة دور الدولة فى دعم السينما مرة أخرى.
الرئيس السيسى، كما عهدناه، لا يعقد اجتماعات لمناقشة قضايا قومية لمجرد تطييب الخواطر وكسب مشاعر فئة أو شريحة ما من المجتمع أو الرأى العام، وإنما يدرك تماما حيوية القضية على الجانب الاجتماعى والجانب الاقتصادى، فهل يعيد أهل الفن والسينما إحياء مطالبهم مع الرئيس مرة أخرى؟ وهل تدعو الرئاسة لاجتماع آخر وتفعيل ما تم مناقشته؟
ما استفزنى ودعانى للكتابة عن القضية مرة أخرى، هو الأرقام المنشورة أخيرا عن مساهمات السينما فى عدد من الدول المتقدمة والنامية، فحسب الأرقام المتاحة فإن صناعة السينما على مستوى العالم جاءت كدخل قومى فى العامين الأخيرين بما يقرب من 100 مليار دولار بما يعنى أن السينما تحولت إلى صناعة حقيقية ذات مقومات اقتصادية لا يمكن الاستهانة بها، حيث أصبحت تلعب دورا مهما فى اقتصادات الدول والمجتمعات التى تهتم بهذه الصناعة المتميزة كأحد مصادر التمويل أو أحد مصادر الدخل القومى مثلها مثل أى صناعة قومية أخرى تشكل نسبة مهمة فى إجمالى الناتج القومى لتلك الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والهند وغيرها من البلدان الأخرى التى أولت هذه الصناعة اهتماما كبيرا حتى أصبحت تؤدى عدة وظائف مختلفة منها التنوير والتثقيف والوعى، وهو ما طالب به الرئيس السيسى، إلى جانب، بالطبع، الأهمية الاقتصادية ،على سبيل المثال، تعالوا نر ما تمثله صناعة السينما الأمريكية ورمزها الأكبر هوليود من دخل قومى يقدر بحوالى 10 مليارات دولار أمريكى سنويا داخليا فقط ودون احتساب ما يوزع خارجيا، أما السينما الهندية ورمزها مدينة السينما فى بوليود فى مدينة حيدر آباد بولاية أندرا براديش، فحدث ولاحرج، فقد حققت العام الماضى إيرادات أكثر من 25 مليار دولار بزيادة 10 مليارات دولار عن العام 2010، حتى كوريا الجنوبية المحرك الرئيسى لصناعة الأفلام فى جنوب شرق آسيا، تحقق السينما لديها دخلا قوميا بحوالى 7 مليارات دولار وتوفر فرص عمل مباشرة بما يقرب من 67 ألف فرصة عمل.
الأمثلة كثيرة فى كل أنحاء العالم بعيدا عن أوروبا وأمريكا والهند وكوريا الجنوبية، فصناعة السينما الأفريقية تطورت بشكل كبير للغاية وتفوقت فى بعض الأحيان فى إنتاجها على السينما الأمريكية، مثل نيجيريا الذى يقترب عدد أفلامها السينمائية سنويا إلى حدود الألف فيلم.
أما أوضاع السينما المصرية، فتدعو للأسى والحسرة على ما كان، والأرقام لا تستحق أن تذكر مقارنة بالسينما العالمية، فالإيرادات العام الماضى 160 مليون جنيه من إنتاج 24 فيلما فقط، والحالة سوف تستمر فى التدهور إذا لم نواجه الأزمات والمشاكل والصعوبات التى تواجهها، وإذا لم تتدخل الدولة لدعم صناعة السينما واكتفت بالوقوف متفرجة على الحالة المؤسفة التى وصلت إليها.