هم مثل أسلافهم رعاة للفتن
معذور حزب النور، أنا أعذره على أية حال، فهو «يا ولداه» قد استيقظ من سباته العميق ووجد نفسه على حالته الأصلية، غريبا عن المجتمع المصرى، دخيلا عليه، مخالفا له، نافرا من طبيعته، شاذا عن عاداته، مكروها بين فئاته، وجد نفسه هكذا، بلا مساحيق تجميلية أو شعر مستعار أو حتى كوب ماء ينظف به وجهه المغبر، وجد نفسه هكذا، مكشوفا للجميع، معروفا للجميع، زال عنه غطاؤه فبصرنا اليوم حديد، فماذا يفعل من وجد نفسه مكروها من الجميع مبعدا عن الجميع سوى أن يشتم الجميع؟
لكن لأن لحزب النور طريقته الخاصة فى التفكير فلم يشتم «الجميع» حرفيا، ولكنه شتمهم ضمنيا عبر سيل من الشتائم والافتراءات على جريدة «اليوم السابع» متهما إياها بكل الاتهامات الممكنة وغير الممكنة، فجريمة «اليوم السابع» التى لا تغتفر هى أنها تنشر أخبار الجميع ليقرأها الجميع، ولما كانت معظم أفعال هذا الحزب مشينة ومتناقضة ومرتبكة وهدامة، جاءت أخباره فى معظمها «سلبية»، وبدلا من أن يحاول الحزب إعادة تربية كوادره، وإعادة تأهيل قياداته، بارك مسعاهم المشين وشن حملة تافهة على «اليوم السابع»، وفى الحقيقية فإن شتائم مثل هذه الجماعات المتطرفة لابد أن يعلقها الواحد وساما على صدره، عملا ببيت الشعر المشهور «وإذا أتتك مذمتى من ناقص فهى الشهادة لى بأنى كامل».
أراها «فرصة سعيدة» ليتعرف الناس على طريقة تفكير هذا الحزب وقياداته التى تعانى من اختلال فى الرؤية وصرع فكرى نادر، فقد كرهت الناس هذا الحزب الذى يعد الحاضنة الأم لداعش وأخواتها، لأنه يدعى غير ما يضمر، ولأنه يتاجر بالدين فى سوق السياسة، ولأنه كثير الكذب دائم الإنكار، وحينما أراد الحزب أن يتبرأ من هذه الأفعال ويتقرب إلى الناس مدافعا عن نفسه ومهاجما «اليوم السابع» ارتكب نفس الحماقات مرة أخرى، فاستغل نشر «اليوم السابع» لموضوع صحفى يدافع عن السيدة عائشة ضد افتراءات السنة والشيعة على حد سواء وادعى أن الموضوع يسىء إلى السيدة عائشة، وفى حين أن «اليوم السابع» حاول أن يستشهد ببعض الآراء التى تنصف السيدة عائشة سواء بين السنة أو بين الشيعة اتهم «النور» «اليوم السابع» بأن لها ميولا شيعية، لا لشىء إلا لأنهم أعداء الاعتدال وأرباب التطرف ومشعلى الفتن.
هذا دأب مصاصى الدماء الحقيقيين، لا يريدون للحقيقة أن تنجلى، ولا يريدون للفتنة أن تهدأ، فقد استدعى «النور» السيدة عائشة ليتحصن بها من هجوم الناس وليهاجم بها خصومه الفكريين، تماما كما استدعى أسلافه السيدة عائشة بنفسها فى حربهم مع الإمام على، ليشعلوا بهذه الفعلة حربا مازالت أصداؤها تتردد إلى الآن.
هذه عادتهم وهذه أفعالهم، يريدون أن تظل المعارك مشتعلة، وأن تظل الحروب متأججة، وأن تظل الدماء مسفوكة سائلة ساخنة ليقتاتوا عليها، لا تشغلهم قداسة الصحابة وآل البيت بقدر ما يشغلهم مقدار المكاسب التى سيجنونها من التمترس خلفهم، ولا يهمهم وطن ولا شعب إلا بمقدار الدماء التى سيمتصونها.