فات أوان اللعب بورقة الدين
احترس من الذى يتحدث كثيرا عن الشرف والقيم والمبادئ، وحاذر من الذى يتشدق دائما بالديمقراطية والعدالة والحرية، وانتبه من الذى يرفع شعارات «النور» والمساواة وعدم التمييز.. هذه بعض النصائح التى تعلمناها من أساتذتنا الكبار فى الصحافة وفى السياسة، وهى مازالت صالحة حتى الآن فى التعامل مع أى شخص أو فئة أو جماعة أو حزب. والتجارب الإنسانية والسياسية طوال السنوات الماضية كشفت أكاذيب كثيرة عن الذين تحدثوا عن الديمقراطية والعدالة والحرية، وأسقطت أقنعة الزيف وأذابت مساحيق التجمل عن كثير من الذين تشدقوا بالقيم والشرف والمبادئ، فالأحزاب ونظم الحكم الديكتاتورية تلصق شعار الديمقراطية والشعبية والحرية بشعارات أحزابها الرجعية والمتسلطة، وهذا ما حدث فى دول أوروبا الشرقية السابقة ودول أمريكا اللاتينية قبل تحررها من الأنظمة الديكتاتورية، ومازال هناك نموذج صارخ فى كوريا الشمالية.
الحال نفسه ينطبق على كل الحركات والأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية التى اعتقدنا لوقت ليس طويلا بأن ممارستها للعمل السياسى سيغير من تفكيرها، فالإخوان لم يتعلموا الدرس وحاولوا خداع الشعب بورقة الدين واصطدموا بوسطية المصريين واحتكروا السلطة ومارسوا أبشع أنواع الديكتاتورية رغم أنهم أسسوا حزبا تحت شعار «الحرية والعدالة»، وظنوا أنهم هاهنا على عرش مصر باقون لثمانين عاما، فأزالهم الشعب المتدين بطبعه ولم ينخدع بورقة الدين وتوظيفها بالسياسة.
للأسف لم يتعظ حزب دينى آخر من حكمة رأس الذئب الطائر وأعاد نفس اللعبة من جديد وأوهم الناس أنه البديل المعتدل لجماعة الإخوان ورفع لافتة وشعارا كبيرا لحزبه باسم «النور»، وهو اسم لا يتناسب معه على الإطلاق ومع ذلك على طريق الأحزاب السلطوية الديكتاتورية فى رفع شعار الديمقراطية اختار اسم النور لحزبه وهو يمارس أقصى درجات السواد والإظلام فى أدائه السياسى وفى تصريحات رموزه وقياداته، وحاول ممارسة التقية من جديد توهما أن ذاكرة المصريين تنسى مساوئ وأفعال تيار الإسلام السياسى فى الحكم، وظن أنه باللحى وبشعاراته الدينية المزيفة سيقفز إلى مقعد السلطة ومجلس النواب فنالوا العقوبة المستحقة من الشعب ولم ينجح منهم سوى 12 عضوا فقط.
ومع ذلك وبدلا من البحث العقلانى عن أسباب فشلهم وسقوط أوهامهم وأقنعتهم المزيفة، بدأوا فى البحث عن شماعات ومشاجب للفشل والانزوراء والتوارى عن المشهد السياسى، وعادوا للظهور بذات الوجوه القبيحة لإشعال الفتنة ولم يجدوا للأسف سوى الهجوم على «اليوم السابع» واعتبروها سببا فى فشلهم وخيبتهم، واستخدموا ورقة خاسرة مكشوفة وهى ورقة الدين مرة أخرى، واتهمونا زورا وبهتانا وجهلا تاما ومدهشا بأننا نسىء لإحدى زوجات الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، هى أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وعن أبيها الصديق.
ولأنهم مصابون بجهل عن كل علم اتهمونا بأننا نردد أقاويل الشيعة فى الدفاع عن السيدة عائشة، وهم أبعد عنها وعن تعلم سيرتها وأقوالها، لكنهم تعاملوا معنا على أنهم الوكلاء الحصريون مرة أخرى للإسلام ولآل البيت.
لا ذنب لنا فى فشل النور وإظلامه، فالشعب وحده قد أطفأ سراب ما ادعوا وزعموا أنه «نور»، ونحن فى «اليوم السابع» ربما نكون الموقع والصحيفة الوحيدة التى أطلوا بلحاهم وبوجوههم البهية على الناس من خلالها، عملا بمبدأ المساواة والموضوعية والمهنية الصحفية، لكن أهل الفجر فى الخصام والعداوة لا يعترفون بذلك ولا يقدرون ما فعلناه معهم، فهم كاللئام إذا أكرمتهم أهانوك وعادوك. لا يبقى فى الأخير سوى أن نقول لهم: فات أوان اللعب بورقة الدين وتهييج الرأى العام، ولعن الله الأغبياء من الظلاميين والإخوان.