لماذا لا تشارك الدول العربية بشكل أكبر فى القتال ضد «داعش»؟.. هذا السؤال طرحته شبكة الأخبار الأمريكية CNN قبل أيام، وقالت تحته إن الرئيس الأمريكى، باراك أوباما يرسل القوات الخاصة، والمقاتلات البريطانية انضمت للأسطول الفرنسى بالضربات الجوية فوق سوريا، حتى ألمانيا التى حدد دورها بالقتال على أراض أجنبية بعد الحرب العالمية الثانية، إنما دورها بالمشاركة، لكن فى الوقت الذى يتجه فيه الغرب لرفع جهوده بقتال تنظيم «داعش»، يبدو أن التحالف العربى الذى تقوده الولايات المتحدة يخفت، ورغم أنه من المفترض بها أن تكون الدول العربية أقرب جغرافياً للتنظيم.
CNN حاولت أن تجرى مقارنة بين تفاعل العرب بشكل جدى مع الوضع فى اليمن، وتراخيهم عن محاربة داعش، وأرجعت ذلك إلى أن التنافس السعودى الإيرانى هو الذى دفع العرب ليلقوا بثقلهم فى اليمن، خاصة حينما استولى الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة اليمنية، صنعاء، العام الماضى، فلجأت الرياض إلى تشكيل تحالف يضم إلى جانبها مصر والأردن والإمارات والسودان ودولاً أخرى للتركيز على هزيمة الحوثيين، مشيرة إلى أن السعودية ركزت على القتال فى اليمن كأولوية تفوق محاربة داعش.
ربما يكون تحليل الشبكة الأمريكية منطقياً، لكنه تجاهل أمر أخرى أكثر أهمية، أن العرب حينما اتفقوا على الحرب فى اليمن كان هدفهم واضحا، لكن الحرب على داعش، الهدف مختلف والاستراتيجية مختلفة أيضاً، كما أن هناك تضاربا واضحا بين مصالح الدول المشاركة فى التحالف الأمريكى ضد داعش، فدولة مثل تركيا ومعها قطر يغذيان الإرهاب فى سوريا والعراق، وفى نفس الوقت يحاولان الظهور فى شكل الدول المحاربة للإرهاب.
هل التهديد الإيرانى أقوى من داعش على العرب؟ .. ترتيب التهديدات التى تواجه العرب أمر يختلف من دولة لأخرى، قبل المقارنة بين داعش وإيران، فقد سبق أن عاش العرب فى معاناة داخلية حول من هو الأكثر، تهديداً لهم إيران أم إسرائيل، واليوم اختفت إسرائيل أو تنحت جانباً من قائمة المهددات للعرب، وبقى التركيز على اثنين هما إيران التى تحاول توسيع نفوذها فى المنطقة باستغلال الأقليات الشيعية فى بعض الدول، والثانى الجماعات الإرهابية التى تقف داعش على رأسها.
هناك دول تنظر لداعش وإيران من نفس الزاوية، ومنها بالتأكيد السعودية، لكن دولاً أخرى تعتبر أن إيران تهدد المنطقة، لكن داعش والإرهاب هما الأكثر تهديداً، ومن هذه الدول مصر بالتأكيد التى تعتبر أن قضية الإرهاب هى قضيتها الأساسية، خاصة فى ظل تمدد داعش على الحدود الغربية فى ليبيا بما يهدد الأمن القومى المصرى.
نظرة أخرى تعتبر أن وجود تنظيم داعش هو مهدد أكبر ليس للعرب وإنما لإيران، لكن هذه النظرة لا تأخذ مجالاً كبيراً من الاهتمام العربى، خاصة أنهم يعلمون أن تنظيم داعش أو غيره من الجماعات الإرهابية لا يمكن الوثوق بهم، فهم رغم استهدافهم لإيران ومصالحها فى المنطقة، إلا أنهم يهددون العرب بشكل أكبر.
لذلك فإن الأولوية الأكيدة لغالبية الدول العربية فى الوقت الراهن هى محاربة داعش وبقية الجماعات الإرهابية التى تتمدد بشكل سرطانى فى سوريا والعراق وليبيا والصومال.
كيف يكون للدول العربية دور فاعل فى الحرب على داعش؟.. الغرب يعتبر أن المشاركة بقوات برية فى سوريا هى الأداة الفاعلة فى التعامل مع داعش وغيرها، ويريدون أن يكون العرب فى طليعة هذه القوات وفق ما ذكره من قبل وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى الذى تبنى فكرة نشر قوات عربية وسورية داخل الأراضى السورية، وبالتالى هم لا ينظرون لأى مشاركة عربية باعتبارها فاعلة إلا إذا تم الدفع بقوات برية على الأرض.
القوات البرية فى هذا التوقيت أمر مستبعد تماماً من جانب الدول العربية، فلا توجد دولة مستعدة لخوض هذه المجازفة، ولا يوجد هنالك دولة يمكنها أن تأخذ الأمور على عاتقها، لذلك ستبقى الاتهامات الغربية للعرب قائمة بأنهم متخاذلون عن مواجهة داعش، وفى المقابل ينظر العرب للغرب بأن حربه على داعش ما هى إلا وسيلة لتجميل العلاقة الخفية التى تربط بعض الدول الغربية بالتنظيمات الإرهابية فى المنطقة، حتى لا يفتضح أمرهم أمام الرأى العام الغربى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة