سبحان الله، بلدنا تحكمها المفارقات لتبرز لنا أجمل وأسوأ ما فينا فى الوقت ذاته، الـ48 ساعة الماضية اهتمت وسائل الإعلام بمناقشة قضية الألتراس وواقعة استشهاد محمد أيمن، والقاسم المشترك بينهما أن أعضاء الألتراس وأيمن ينتميان لجيل الشباب، ولكن هيهات بين شباب وشباب.
أيمن شاب ضحى بحياته لإنقاذ أصدقائه الجنود والضباط فى سيناء، بينما الألتراس شباب ضحوا بأنفسهم وألقوا بأجسادهم على الأرض لمنع فريق النادى الأهلى إلى الاستاد، أيمن رفع شعار الوطن واستقبل الحزام الناسف فى حضنه ليموت شهيدا، بينما شباب الألتراس رفعوا شعار العودة للجماهير واستقبلوا أتوبيس الأهلى بأحضانهم.
أيمن ردد الشهادتين قبل الاستشهاد، وشباب الألتراس رددوا عبارات «الكورة للجميع وفريق كبير.. فريق عظيم»، ما فعله أيمن شرف على جبين كل مصرى، بينما ما فعله الألتراس عار على كل مصرى، أيمن تجاوز احترامه للبلد إلى تقديم نفسه فداء لها، بينما الألتراس تجاوز سوء أدبهم فى حق البلد، لدرجة أنهم اخترقوا كل القوانين والقواعد ضاربين بها عرض الحائط، أيمن كان يسهر ليلا فى شدة البرد حاملا سلاحا دون أن يغمض له جفن، ليحمى جيشه بوسط سيناء، بينما شباب الألتراس يعطلون السير فى شوارع القاهرة، حاملين «الشماريخ»، اعتراضا على حضورهم مباريات الدورى، أيمن كان يحارب أعداء بلده من الإرهابين والمخربين فى سيناء، بينما كان شباب الألتراس هم فتيل إشعال عمليات التخريب قبل أو بعد مباريات كرة القدم.
الأصل، أننا أمام نموذجين من الشباب، نموذج حقيقى والآخر مزيف، نموذج البطل محمد أيمن، نجح أهله فى تربيته حتى نال الشهادة، بينما النموذج الثانى من شباب الألتراس الذين أفسدوا الحياة الكروية فى مصر بأفعالهم السيئة، الأصل أننا أمام ظاهرة سيئة كثيرا ما «طبطبنا» عليها بدعوى الاحتواء ثم الاحتواء ثم الاحتواء، ولكن مع كل مرة كانت الدولة تقدم لهم يد العون وتخطو تجاههم خطوة كانوا هم فى المقابل يتراجعون ألف خطوة للوراء، نحن أمام فئة من الشباب تعمل خارج الإطار القانونى، تفرض سيطرتها علينا بكل قوة داخل حدود الملعب وخارجه، متخفية وراء ستار «الكورة للجميع»، رغم أن مصر «لا فيها كورة ولا يحزنون»، فلم ندخل كأس العالم منذ هدف مجدى عبد الغنى ولم نشارك فى الأمم الأفريقية منذ 6 سنوات، ولا حتى الدورى المصرى يضم فريقا مثل برشلونة أو تشيلسى.
نحن أمام مجموعة تتعامل مع الدولة بمبدأ «السن بالسن والعين بالعين والبادى أظلم»، مجموعة تتظاهر بدون تصريح، وتقطع الطريق دون محاسبة، وترتكب جرائم فى حق الجميع دون رادع، نحن أمام مجموعة لم تتسبب فى تأخير مباراة الأهلى وسموحة، بقدر ما تسببت فى كسر هيبة الدولة، بل وتحاول أن تجر أجهزتها الأمنية إلى أى اشتباك قبل ذكرى 25 يناير، تجرنا إلى سيناريو غير مضمون، تقع فيه نقطة دم واحدة، فيبدأ السيناريو المعتاد.
لابد علينا، كشعب وكأجهزة تنفيذية أن نحدد أولوياتنا فى نظرتنا للشباب، هل نريد شباب مثل البطل محمد أيمن مثل شباب الألتراس.. فى النهاية، لا يجوز أن أنهى المقال، قبل أن أقرأ أنا وأنت الفاتحة على روح الشهيد محمد أيمن، فبطولته تساوى ألف مرة من تعداد شباب الألتراس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة