قطعان تنتظر الدم لأن لا أحد يحاسبهم
محمد أيمن جندى الصاعقة، ابن دمياط، يكمل 21 عاما بعد أسبوع ضحى بنفسه، وأنقذ زملاءه ووحدته واحتضن إرهابيا بحزام ناسف دخل لتفجير نفسه فى الوحدة بالعريش، والله أعلم كم كان يمكن أن يقع من شهداء، أيمن جنّب رفاقه الموجة الانفجارية الضخمة التى حولت جسده الطاهر إلى أشلاء، بالطبع أيمن كان يحلم مثل غيره من الشباب أن يكمل حياته ومستقبله، كان يمكنه أن يهرب أو يبتعد. كيف فكر البطل وهو يعرف أنه يموت ليفدى زملاءه ووطنه؟ كنا نفخر بالبطل، ونحتفى به ونريده نموذجا تتعلم منه الأجيال، ففاجئنا شباب يقدم نموذجا عكسيا، ويضرب مثلا فى الاستهتار.
فى نفس عمر أيمن كان هناك أمس الأول 5 آلاف من الألتراس زحفوا لمقر إقامة فريق الأهلى بأحد فنادق مصر الجديدة بزعم التشجيع وحاصروا اللاعبين ومنعوهم من التحرّك لاستاد بتروسبورت لخوض مباراة سموحة، الأمر الذى تسبب فى تأجيل اللقاء ساعتين، وانتهى بخسارة الأهلى.
الألتراس لم يتعلموا شيئا، ولم يستوعبوا الدروس، ومازالوا يتحركون لتحقيق أهداف ما، كلها تدخل فى نطاق الفوضى، والتصعيد فى وقت تدفع كل الأطراف لإعادة الجمهور للمدرجات، بينما يدفعون لإعادة التعصب، ولهذا تم إلغاء مثل هذه الروابط فى العالم، لأنها تنظيمات غامضة يمكن توظيفها واختراقها، وتتحول إلى أدوات تحركها الأهواء.
كالعادة أصدرت «عِصبة» الألتراس بيانا على مواقع التواصل، تبرر فيه هجماتها الهمجية، وتتحدث عن عودة الجمهور، وهم ما أطاحوا بالجمهور ويهددون الفكرة كلها، منذ ظهورهم وهم يسيئون للكرة ولأنفسهم، بل كان هناك من شجع سلوكياتهم التى تدخل فى إطار البلطجة، ويصرون على الغموض ويختفون خلف كلام فارغ وضجة تافهة.
مرات كثيرة ارتكب هؤلاء جرائم فى الملاعب، وحصار وتخريب النوادى، ومهاجمة المطار، وفى كل مرة كانوا يجدون من يدافع عنهم ويطالب باستثنائهم من الحساب، وبسذاجة كان هناك من حسبهم مرة على الثورة، ومرة على الجمهور، ولا علاقة لهم بالثورة ولا التغيير، وإنما هم قطعان بلا عقل وعقول فارغة يمكن ملؤها والتحكم فيها، يسيئون للسياسة، وللرياضة، وينقلون أمراض التعصب الكروى للسياسة، بل إن هذه الطريقة فى التفكير هى التى أضاعت الكثير من الفرص، وأسقطت ضحايا فى بورسعيد، واستاد الدفاع الجوى، وربما كمان هناك رغبة فى أن يتحول حصار الأهلى أمس الأول إلى معركة تسيل فيها دماء، لتتحول إلى مندبة، ونظن أن الأمن تعامل بوعى، وفوت الفرصة على زعماء «مافيا»، كانوا ينتظرون الدم .
كانت هناك رهانات على أن يتعلم قطعان الألتراس من قصة ابن جيلهم محمد أيمن، بطل الصاعقة الذى ضحى بنفسه وهو يحرسهم، ومثله آلاف يحرسوهم ويؤمنوهم، وبدلا من أن يتعلموا يواصلون السير فى قطعانهم، غير مهتمين بحرائق تشتعل ودماء تسيل، لأن هناك من يرفض تطبيق القانون على قطعان الخارجين.