حتى الآن لم يغادر الإخوان محطة رابعة، وينتظرون عودة مرسى فى وقت قريب، ربما قبل نهاية العام أو ليلة رأس السنة أو فى 25 يناير، ويقول آخر بيان منشور على مواقعهم بالحرف «فوالله ما هى إلا أيام قليلة وستمر ثم نجلس مع أبنائنا وأحفادنا لنقص لهم حلاوة ومرارة هذه الأيام، وكيف حولنا الهزيمة فيها إلى انتصار، ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا» لم يملوا الانتظار، ولا يريدون أن يؤمنوا بأن مرسى ذهب بلا رجعة، وأنه يُحاكم بتهم عقوبتها الإعدام، وأن انتظارهم سيطول إلى الأبد، كما انتظروه من قبل فى أول رمضان، ولم يعد، وفى عيد الفطر والعيد الكبير، وعشرات المواعيد التى ضربوها، ولم يعد مرسى ولن يعود.
لم يغادر الإخوان حتى الآن محطة الشرعية الكاذبة، التى كانت مسمارا فى نعشهم، وحتى لا يُقال إننا ندعى عليهم، نعود إلى بيانهم الذى يقول أيضا بالحرف «إن مكتب الإخوان المسلمين بالخارج يؤكد أننا ماضون فى طريق ثورتنا حتى منتهاها، ومسألة الشرعية مسألة لا تفاوض عليها فرئيسنا هو الدكتور محمد مرسى وأى محاولة للمزايدة فى هذه النقطة غير مقبولة وتلزم صاحبها».. وعن الشرعية أقول إن شرعية الوطن تعلو فوق الجميع، يمنحها الشعب لن يشاء ويسحبها عمن يريد، وعندما تأكد المصريون أن هذه الجماعة أرادت اختزال الوطن فى أهلها وعشيرتها، وسعت إلى محو هويته وحضارته، وتآمرت للتفريط فى ترابه الوطنى، خرج الملايين إلى الشوارع، فى مشهد غير مسبوق فى التاريخ، لاسترداد الوطن واستعادة شرعيته.
الحقيقة دائما تؤلم من تعود على الأوهام، والحقائق التى توجع الإخوان كثيرة، وأهمها أن شرعية مصر ورئيسها تحوز إجماعا على جميع الأصعدة، خصوصا على مستوى المجتمع الدولى، وباتت قوى الشر التى تتربص بمصر تراجع حساباتها، وتعتمد الرؤية الثاقبة فى مختلف القضايا، وأبرزها التعاون فى مكافحة الإرهاب، والمظهر المحترم للرئيس المصرى فى المنتديات الدولية، بما يتماشى مع حجم بلده ودورها ومكانتها، ونجاحه فى طرق أبواب الشرق والغرب، وتأسيس علاقات متوازنة، تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى شؤون الغير، وتحقيق أقصى استقلالية للقرار المصرى، دون ارتماء فى أحضان معسكر بعينه.
وأهم الحقائق على أرض الواقع أن مصر تواجه التحديات الاقتصادية، بحلول جذرية وليس بالمسكنات، وتسابق الزمن لتنفيذ مشروعات كبرى، تفتح طريق الأمل لأجيال الشباب، وتدحض أوهام طائر النهضة وأنهار العسل، فتزداد أوجاع الإخوان وآلامهم، لأنهم متأكدون أنه كلما انفرجت أزمة تعمقت لديهم أزمات، لنفاد ما تبقى من رصيدهم، لاصطياد المشاكل واستثمار الهموم، ومهما حاولوا فقد أثبت المصريون أنهم يتحملون أى شىء، إلا أن يسرق وطنهم أمام أعينهم، أو أن تسطو عليه جماعة لا تعرف معنى كلمة وطن.
فى مستنقع الأكاذيب لا تسبح سوى الأسماك الميتة، وكلما اقتربت ذكرى 25 يناير، تطفو على سطح أكاذيبهم أسماك ميتة كثيرة، وكما تخيلوا أن مرسى يؤم نبينا الكريم وجموع المصلين فى صلاة الفجر فى رابعة، يتعاطون عقار هلوسة الثورة القادمة فى يناير.
ويعيدون إنتاج نفس الأكاذيب التى فجرت ثورة الشعب ضدهم، ويدعون «كل رموز العمل الوطنى إلى الاصطفاف حول راية المجلس الثورى المصرى»، مجلسهم الخائن الذى يناشد الناتو للتدخل العسكرى فى مصر، ويحرك خلاياه فى الداخل لتكثيف الأنشطة الإرهابية، والتمهيد للفوضى والنزول من جديد للشوارع والميادين.. هم بتخيلون أنها حروب الجيل الرابع، ولكنها لا تعدو أكثر من حروب «كيه.. جى.. وان».. المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وهم يلدغون من نفس الجحر مرتين وخمسة وعشرة.