عمرو موسى: سعود الفيصل وقف مدافعاً صلباً عن مصر ضد سياسات العداء الغربية

الأربعاء، 02 ديسمبر 2015 11:22 ص
عمرو موسى: سعود الفيصل وقف مدافعاً صلباً عن مصر ضد سياسات العداء الغربية عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية
كتب - محمد مجدى السيسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ينشر "اليوم السابع" نص خطاب عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، خلال الاحتفالية التى أقامها مجلس العلاقات العربية والدولية بالكويت العاصمة وفاء لذكرى الأمير الوزير ‫‏سعود الفيصل تحت عنوان "السياسة فى حضور الأخلاق".

وإلى نص الكلمة:


- أصحاب السمو، أصحاب الدولة، أصحاب المعالى، السيدات والسادة
إنه لأمر طبيعى أن يدعو نخبة من الساسة والدبلوماسيين العرب إلى إقامة حفل وفاء لذكرى الأمير سعود الفيصل باعتباره شخصية قل أن يوجد مثيل لها فى عالمنا العربي؛ لأنهم هم الذين عرفوا فضله، وهم الذين عركوا كفاءته واحترموا قيادته ونهلوا من فيض دبلوماسيته.

إلا أننى أسرع فأضيف أننى وجدت، حين أعلن النبأ الحزين بوفاة الأمير سعود الفيصل، أن رجل الشارع، الرجل البسيط وكذلك المرأة البسيطة، والمواطن والمواطنة العاديين قد حزنوا عليه وعبروا بأصدق المشاعر عن حزنهم لوفاته.. لم يلتقوا به ولكنهم رأوْا فيه الشخصية العربية المتفردة التى تعبر عن مشاعرهم القومية وكبريائهم الوطنية. لقد كان بالفعل رمزاً لما يجب أن يكون عليه القائد العربى، أو المسئول العربي.

لدينا فى مصر قول يتردد على الدوام، حين نجد رجلا شهماً، قديراً، كبيراً، متواضعاً، عف اللسان نقول أنه "راجل أمير".

بالفعل كان سعود الفيصل، بالنسبة لنا جميعاً نحن المواطنون العرب، رجلا أميرا يجمع بين الشهامة والمقدرة، والكياسة، والكبرياء، والترفع، والتواضع، نعم كان أميراً صاحب سمو أخلاقى أحبه الناس واطمأنوا لوجوده بينهم، وحزنوا بالفعل لفراقه لهم.

قاد سعود الفيصل الدبلوماسية السعودية لأكثر من أربعة عقود من الزمن، وترك وراءه صرحاً ضخماً، ودبلوماسية نشطة، وسياسة فاعلة، وأعطى لصورة المملكة إطارا من الاحترام والتقدير. دبلوماسية يستطيع العرب جميعا أن يركنوا إليها وإلى كفاءتها خصوصا فى زمن المتاعب والمصاعب والتحديات والأزمات.

لقد عملت مع الأمير سعود منذ كنت دبلوماسيًا صغيرًا، فشاركته وأنا هذا الدبلوماسى، ثم شاركته وأنا سفير لمصر، ثم شاركته وأنا وزير لخارجية مصر، ثم وأنا أمين عام للجامعة العربية ثم وأنا سياسى مصرى.. لم يغير معى تعامله أبدا، كان منذ البداية هو الشخص الودود، البشوش، أو كما نقول فى مصر "الجدع"، المقدر لكل ما هو إيجابى، المبعد بكل ذوق وحذق وهدوء لكل ما هو سلبي.

أذكر قدرات الأمير سعود على أن يمنح الجو العربى الصاخب دائماً لحظات، بل فترات من الهدوء الذى يُمكِّن من الإنجاز ومن التوصل إلى التوافق فى الرأي. كانت بسمته وبشاشته تأسر كل زملائه بمن فيهم من كانوا يمثلون دولاً ربما كانت فى أزمة مع المملكة العربية السعودية وقتها، وكان يخصهم بإيماءات لا يستطيعون مقاومتها فتبدأ الأمور فى اتخاذ منحىً إيجابى فى العلاقات.

أذكر دبلوماسيته حين طرح الراحل الكبير الملك عبدالله خادم الحرمين مبادرته للسلام وتسوية القضية الفلسطينية. لقد صاغ سعود مع الجامعة العربية هذه المبادرة، وتفاوض مع كل وفد عربى ليضمن مساندته الكاملة، كانت مفاوضاته بالذات مع سوريا ومع ليبيا متعة فى حد ذاتها حتى وافق الوفد السورى وصمت الوفد الليبي.

خضنا سويا معركة أخرى تتعلق بالمستوطنات الاسرائيلية والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وفى اجتماع خماسى ضم الأمين العام للأمم المتحدة ووزيرة الخارجية الأمريكية ورئيس الدبلوماسية الأوروبية والأمير سعود وأنا؛ صك عبارته الشهيرة: إما المستوطنات أو المفاوضات، أما أن يكونا سوياً فهذا أمر غير منطقى وغير عملى ومن ثم مرفوض.

ثم كان الامير سعود هو الذى أعلن مبادرة شهيرة أراها لاتزال قائمة ولم يأكل عليها الدهر ولا شرب، وهى المتعلقة بتكامل العمل النووى العربى فى إطار الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بأن يكون هناك بنك عربى للأنشطة النووية يستند إليه كل نشاط عربى نووى سلمى ليستفيد منه الجميع ويتقدم به الجميع.

كل هذه وأكثر أمور حببته إلى نفسى كثيرا، وأعتقد أننى كنت من بين أكثر من حزنوا عليه حزنا كبيراً... ولا أزال

كم كان ودوداً معى، كان كلما يزور القاهرة حتى فى شأن ثنائى يزورنى فى الجامعة العربية لنتحدث فى مشاكل الساعة حول فنجان من القهوة.

فى إحدى هذه الزيارات لاحظ على بعض التوتر، وإجابة على سؤاله قلت أننا فى سبيلنا لأن نطرح قضية الجدار الاسرائيلى المقام فى الأراضى المحتلة والاستيطان فيها على محكمة العدل الدولية، وأن ميزانية جامعة الدول العربية لا تسمح لى بأن أوكل محامياً دولياً حاذقاً كى يترافع ويكسب هذه القضية. فسألنى كم يتكلف هذا المحامى، وكان ألمانياً، وأمر سفيره أن يدفع التكلفة فورا للجامعة، وفى الأسبوع التالى كنا حاضرين أمام محكمة العدل الدولية فى قضية كسبتها الأمة العربية بعد ذلك بالفعل.

من منا لا يذكر دوره إبان حرب أكتوبر حين كان مهندس سياسة استخدام النفط كورقة من أوراق القوة العربية، من منا لا يتذكر ما قاله منذ قليل دولة الرئيس فؤاد السنيورة فى الإعداد للقاء الطائف حتى يخرج الاتفاق الذى ينقذ لبنان من محنتها.

وأخيراً، وبعد ٣٠ يونيو والصدام التاريخى بين الدولة المصرية والإخوان، وقف الأمير سعود مدافعا صلبا عن مصر ومواجهاً سياسات العداء التى أفرزتها بعض الدبلوماسيات الغربية ضد مصر. وحين أشفق مساعدوه من أنه سوف يقرأ بياناً من أربع صفحات فى هذا الشأن، رغم اشتداد المرض عليه قال قولته التى رنَّت فى أنحاء مصر ومدنها وقراها ودساكرها: مصر تستحق هذا الجهد وأكثر، وكم قال لكل العرب كما سمعتم إن "أنقذوا مصر، تنقذون أنفسكم، تضامنوا مع مصر ودافعوا عنها تدافعون عن أنفسكم وبلادكم"، ويقول المصريون اليوم أنه أيضا استحق حبهم وأكثر من ذلك.

رحم الله سعود الفيصل، وسيم المُحيَّا.. وهو تعبير أستعيره من بعض ما كتب الأمير تركى الفيصل عن أخيه

كان رجلا بكل معانى الرجولة، وأميراً بكل مضامين الإمارة.
رحم الله صاحب السمو الملكى الأمير سعود الفيصل وطيب ثراه










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

هذا اقل بكثير مما يستحقه

عدد الردود 0

بواسطة:

el hamzawy

أبكيتنا مجدداً على رحيل رجل عظيم لم ولن ينساه المصريين

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة