تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم، بمرور 44 عاما على إعلان دولة الاتحاد فى 2 ديسمبر 1971 الذى أقامها المؤسس الأول للدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وباقى حكام الإمارات فى ذلك الوقت.
الاحتفال هذا العام يتزامن مع احتفال آخر لدولة الاتحاد بـ«يوم الشهيد»، تكريماً وتخليداً ووفاءً وعرفاناً بتضحيات وعطاء شهداء الوطن الذين قدموا أرواحهم وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه فى الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية، وقرر رئيس الدولة اعتبار هذه المناسبة الوطنية إجازة رسمية على مستوى الدولة.
تأتى ذكرى الاتحاد والإمارات تلك الدولة الصغيرة وقد تحولت فى وقت قصير من دولة صحراوية إلى دولة نموذج فى الرقى والتقدم والبناء والعمران، ونموذج أيضا للتسامح الإنسانى والحضارى لكل الجنسيات التى تعيش على أرضها، وأصبحت مضرب الأمثال لكثير من الدول فى المنطقة فى كيفية مواجهة التحديات الصعبة وفى تحقيق التنمية والتقدم فى مجالات كثيرة، النموذج الاتحادى للإمارات يعطى المثل والدرس فى أن قضية التنمية ليست فقط مسألة الوفرة والنفط، وإنما فى التخطيط والإرادة والرؤية، وتوظيف الثروة فى بناء الدولة.
فى رأيى أن المناسبة فقط ليست احتفالية وإنما دعوة للتأمل فى التجربة الوحدوية للإمارات، فقد نشأت الدولة بعد سنوات قليلة من هزيمة 5 يونيو 67 وتصور البعض أن المشروع القومى والمشروع الناصرى قد سقط وتحطم، ولم يتبقَ منه سوى أوهام، وأن مشروع الوحدة قد ذهب إلى غير رجعة مع هزيمة يونيو، وسط هذا الركام من التشاؤم والانكسار والحزن واليأس وتخلى رموز النخبة السياسية والثقافية فى مصر والوطن العربى عن فكرة الوحدة العربية والتجارب الوحدوية التى نادى بها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كان هناك فى أقصى طرف الخليج العربى من يتمسك بالأمل فى مواجهة حالة اليأس ويطلق شعاع أمل وسط الظلام، ويعلن دولة جديدة فى مواجهة دعوات التشرذم والتفتت وعدم الإيمان واليقين بفكرة الوحدة.
كان الشيخ زايد بن سلطان يسعى إلى الحلم فى مواجهة ما ظنه البعض مستحيلا، مع باقى إخوانه فى الإمارات الأخرى والتقت الإرادة مع الحلم وبعد 4 سنوات من هزيمة 5 يونيو، بزغ حلم الدولة الاتحادية فى الإمارات كشعاع ساطع يهتك ستائر اليأس والهزيمة، وأعلن الشيخ زايد للعالم عن دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه هى عبقرية اتحاد الإمارات وأهمية الاحتفال به الآن. وفى ظل تحديات تواجه الوطن العربى وتعرض دول تقليدية وقديمة فيه إلى التفتت والانقسام إلى دويلات صغيرة تحافظ الإمارات على قوتها وتماسكها، وهذا هو سر النجاح الحقيقى لهذه الدولة التى باتت مقياسا للنجاح وللتحدى والإرادة فى بناء الأوطان ورقيها وتقدمها.
نقدم التهنئة للدولة التى لم تتخلَ أبدا طوال 44 عاما عن مواقفها العروبية التى تبناها الأب المؤسس الشيخ زايد ودعمها لأشقائها العرب خاصة مصر، وتجلى ذلك فى الموقف الأصيل الداعم لمصر بعد ثورة 30 يونيو وإعلان قادتها دائما بأن دعم مصر خيار استراتيجى.
طوال السنوات الماضية حافظت الإمارات على موقعها ومكانتها فى المنطقة والعالم اقتصاديا وسياسيا، وأصبحت خلال فترة زمنية وجيزة نموذجاً يحتذى به بين كل دول العالم فى مختلف القطاعات التنموية بالتوازى مع حضورها السياسى الفعال مع ما يشهده العالم من تغيرات وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط.
وشهد اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة ازدهاراً كبيراً جعل الدولة ضمن المراتب الأولى فى بعض المؤشرات الاقتصادية، كمعدل دخل الفرد. واحتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربياً والخامسة عالمياً فى مؤشر «مستويات الرضا عن المعيشة»، ضمن تقرير «مؤشر الرخاء العالمى» للعام الماضى.