«وكأنك تسمع قلبك» هذه هى الجملة الأكثر تعبيرًا عن حالة محمد منير التى لا تشبه حالة أخرى لا فى الفن ولا حتى فى الحياة، فالفنان اختاره محبوه ليكون ملكا على قلوبهم وأسماعهم وأصبح أيقونة متفردة تعطى مساحة كبيرة من الدفء والتحقق، لأنه يقول غناء ليس كالغناء ويقدم موسيقى ليست كالموسيقى، إنما ما يفعله منير هو مجموعة من المشاعر الراقية فى «حس» رائع.
والسؤال الذى يطرح نفسه: لماذا كلما غنى منير شعرنا بأنه يغنى للوطن، وأن حبيبته دائما هى مصر مع أن الأغنية قد لا تحتوى كلمات وطنية مثل مصر أو الوطن أو البلد ولا تحمل توجيها مباشرا؟، ولماذا كلما غنى شعرنا بأن هناك إسقاطا، وأن هناك دلالة كامنة خلف الأداء والصوت والكلمات وكأنما هناك شفرة سرية بين منير والشعب، ولماذا عندما أبدع أغنيته الأخيرة «أنا منك اتعلمت» فهمنا منها أنه يعاتب الوطن عتاب المحب، ولماذا ربطنا بين الأغنية وانتخابات مجلس النواب الأخيرة والتى لم تأت على الوجه الذى كان يتمناه الشعب، ولماذا شعرنا بأن الشهيد محمد أيمن «مارد سيناء» يظهر فى ظلال الكلمات والأداء الساحر للملك؟
تحول محمد منير لحالة ثقافية، وأصبحت أغنياته ديوانا للمصريين تحكى أوجاعهم وتختصر الشرح الطويل، يكفى ظهوره أو سماع صوته فنحس بأن هناك شيئا مشتركا بيننا، فهو صوفى الروح، أبدا لن تجد من يحدثك عن ثروة منير وممتلكاته وتغير حاله وتبدله كما يحدث مع جميع الفنانين، فمازال المحبون يتعاملون مع «منير» على أنه الولد الأسمر الفقير الذى يشبههم تماما.
كما أن منير يراهن على صناعة «الحلم» فى فنه وهذه ثقافة «معدية» تنتقل إلى المتابعين والمستمعين فتصبح رؤيتهم للحياة إيجابية وقادرة على المقاومة، فأغنياته فى معظم الأحيان تتجاوز «الأزمة» وتفتح بابا للحلول، فـ«منير» يملك مفهوما للسعادة يقوم على فكرة البساطة، ويرى أن هذه السعادة تكمن فى التفاصيل الصغيرة، وأن الحياة تمنح الحزن والفرح وعلينا أن نقاوم الحزن ولا نجعله يمس قلوبنا.
يقوم منطق «الملك» فى علاقته بالجماهير على أساس أن المطرب الحقيقى لا يغنى من حلف الستائر، فيرى أن الحفلات المباشرة هى التحدى الحقيقى للفنان لأنه تصنع نوعا من الود الدائم، أما الصدق فهو السمة الأهم فى مشوار محمد منير، فالتوحد بينه وبين كلماته وألحانه لا يجعلك تسأل أبدا من كتب الكلمات ومن لحنها، تشعر بأنها جميعا من روح منير، كما أن نبرته فى الغناء وتمهله فى نطق الحرف يحعلك تعرف بأن كل كلمة ينطقها يعرف معناها جيدا، الملك محمد منير حققت أغنيته الأخيرة «أنا منك اتعلمت» أكثر من مليون مشاهدة فى أسبوع واحد، لذا نقول له يا ملك عليك الغناء وعلينا التأويل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة