«رش الزبالة بدلا من رفعها»
خمس سنوات تقريبا من الكلام والجدل والأخذ والرد، من خبراء سياسيين واستراتيجيين، ومتكلمين فى كل الشؤون ونسمع من كل هؤلاء «يجب أن نفكر فى حلول من خارج الصندوق» لأن مشكلاتنا أساسها أننا نفكر داخل الصندوق، وأصبح البحث عن حلول من خارج الصندوق هو الموضة التى تتجاوز المقلم والمخطط. وأصبح لدينا نظريات فى الطاقة النووية، والتخطيط الفضائى، وليس لدينا طريقة للتخلص من المخلفات والبقايا التى تحاصرنا.
الطبيعى أن يفكر الناس فى البحث خارج الصندوق، عندما ينتهون من الحلول فى الصندوق، لكن ما يجرى غالبا أننا لا نفكر من الصندوق ومهما كانت المشكلة صغيرة، وحلها بسيط، يرهق البعض أنفسهم للتوصل إلى ما هو خارج الصندوق تماما. والنتيجة أننا نترك الصندوق وخارجه وندور حوله بلا نتيجة تذكر. مثلا مشكلة النظافة، تحتاج إلى صناديق فى كل مكان، وأماكن لقضاء الحاجة، وقوانين رادعة لمن يخالفون بعد توفير الإمكانات. وهو حل من الصندوق. لكن لأن البعض يبحث خارج الصندوق فهم يصرون على تعقيد السهل، وتمييع الواضح وتسطيح العميق.
وآخر مثال على التفكير ضد الصندوق، ما فعله حى ثان طنطا، الذى نشر على صفحته بـ«فيس بوك»، صورا يعلن فيها نشاطه النادر فى مواجهة مشكلة القمامة، الصور لموظفين من الحى يرشون أكوام القمامة بالمبيدات الحشرية، والهدف مقاومة الأمراض، الصفحة تفاخرت أنها «بناء على توجيهات معالى الوزير المحافظ وسكرتير عام المحافظة، قامت السيدة رئيس حى ثان طنطا بتوجيه مسؤولى البيئة بالحى وبالتنسيق مع مسؤولى الطب الوقائى ومسؤولى جهاز شؤون البيئة .. لرش تجمعات القمامة بالمبيدات المقاومة للذباب والبعوض وذلك للوقاية من الأمراض وتم تعداد الشوارع التى تم رشها، والتأكيد على المناطق بجانب المدارس والمستشفيات».
طبعا فكرة رش المبيدات من خارج الصندوق، لكن الفكرة التقليدية من الصندوق هى توفير صندوق القمامة، ورفع أكوام المخلفات. وكان الأفضل أن تكون التعليمات هى رفع القمامة وليس رشها. لأنهم بذلك يفعلون مثلما فعلت مدينة الأذكياء.
مدينة الأذكياء واجهت مشكلة مع حفرة فى أحد شوارع المدينة كانت تتسبب فى حوادث، وتتأخر سيارة الإسعاف فى الوصول مما يؤدى لسقوط ضحايا. اجتمع مجلس المدينة لمناقشة الحفرة واقترح أحد الوزراء أن يتم نقل مقر الإسعاف بجانب الحفرة، واقترح آخر أن يتم بناء المستشفى بجوار الحفرة بينما اقترح الأذكى أن يتم ردم الحفرة وحفر أخرى بجوار المستشفى، حتى يمكن حال وقوع حوادث سرعة نقل الضحايا. وطبعا لم يفكر أحد فى ردم الحفرة والقضاء على المشكلة.
ومثلما حدث، فكر السادة فى محافظة الغربية، وطنطا وحى ثانى، من خارج الصندوق، وقرروا رش الزبالة بدلا من رفعها، وتوفير الصندوق. وهى ميزة للتفكير فى الصندوق. ليس للغربية وطنطا فقط لكن للكل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة