"الخناقات" تحكم البرلمان.. والغموض سيد الموقف.. أسرار صراع الأحزاب وتفكك ائتلاف الأغلبية.. وتساؤلات فى الشارع حول من يدير اللعبة؟ وكيف ينعقد المجلس فى ظل كل هذا الكم الكبير من المعارك؟

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015 11:06 ص
"الخناقات" تحكم البرلمان.. والغموض سيد الموقف.. أسرار صراع الأحزاب وتفكك ائتلاف الأغلبية.. وتساؤلات فى الشارع حول من يدير اللعبة؟ وكيف ينعقد المجلس فى ظل كل هذا الكم الكبير من المعارك؟ البرلمان المصرى - صورة أرشيفية
كتب محمد مجدى السيسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شئ فى مصر الآن يعلو فوق صوت "الخناقات" المنتشرة فى كل جزء من الشارع السياسى، الصراعات طالت كل كيان، سواء كان ائتلافاً، أو كتلة، حتى وصلنا إلى اللاوحدة، حتى بين صفوف الحزب الواحد.

المفاجآت تتوالى، مصحوبة بغموض فى التفسير، لا تعرف من مع من أو ضد من، الثابت فى الأمر أن مصر تخسر قبل بضع أيام من انعقاد برلمان مُفترض أن يكون خطوة هامة نحو الاستقرار.

تعال نرجع خطوات قليلة إلى الوراء، حينما تحدث الجميع عن ضرورة وجود كتلة متماسكة فى البرلمان، تقطع الطريق أمام من يريد تعطيل مرور أى قانون قد يُحدث تطوراً ما، فبدأت قائمة "فى حب مصر"، فى تكوين ائتلاف حمل اسم "دعم الدولة"، سعت من خلاله لتكوين الأغلبية فى البرلمان، هذا الائتلاف مر بعدد لا حصر له من العقبات، أبرزها ظهور وثيقته التى وقع عليها عدد من النواب المُنضمين له، والتى تجردهم من انتمائهم الحزبي، الأمر الذى صنع خلافاً واسعاً.

إلغاء وثيقة "دعم مصر"


فى ذلك الوقت طفت عدد من "الخناقات" الواسعة على السطح، من المعترضين على تشكيل هذا الائتلاف، مؤكدين أنه عودة للحزب الوطنى مرة أخرى، أكثرها حدة كانت من حزب المصريين الأحرار، الذى يسعى إلى أن تكون له كتلة مستقلة بالبرلمان، فضلاً عما قاله النائب مرتضى منصور فى رسالة حادة وجهها للواء سامح سيف اليزل، القيادى بالائتلاف، على شاشات التلفزيون، قائلاً : "إهمد، إنت داخل فى دور أحمد عز، وأنا هفركشلك الائتلاف"، ذلك الهجوم العنيف أجبر القائمة على إلغاء تلك الوثيقة، واعترافها بأن البند الخاص بتجريد النائب من انتمائه الحزبى وُضع بالخطأ.

وهنا أسئلة مهمة، كيف لائتلاف مُفترض أن يقود برلمان مصر، يراقب حكومة ويشرع قوانين، أن يخطىء فى أول ورقة وضعها لتكون بمثابة إلتزام قانونى بين أعضائه؟، وما سر تكتمه الشديد على تلك الوثيقة التى خرجت خلسة طالما أنه يؤسس لائتلاف واضح أمام الشعب؟ وهل تعكس قراءة قيادات الائتلاف لتلك الوثيقة للمرة الأولى عبر المواقع الإخبارية، أن شخصاً واحداً فقط يدير الائتلاف دون اطلاع فريق العمل على ما يحدث؟

وصلت الخلافات بشأن هذا الائتلاف إلى حد الاعتراض على اسمه، الذى أصبح أخيرا "دعم مصر" بعد أن كان "دعم الدولة"، وذلك فى اجتماعه الأهم مؤخراً، والذى حضره أغلب النواب المُنضمين له، الاجتماع الذى شهد مفاجآت تبعتها خلافات واسعة بين الجميع، بدأت بالاعتراض على الإسلوب الذى تمت به فعاليات الاجتماع.

واُختير خلاله، اللواء سامح سيف اليزل رئيساً للائتلاف دون منافس، واختير الدكتور أحمد سعيد متحدثاً له بالتزكية، ما تسبب فى اعتراض واسع، من مجموعة من النواب، أبرزهم مصطفى بكرى، الذى قال إن "سيف اليزل" اختار "سعيد" رغم أنف الجميع، ومصطفى الجندى الذى طالب خلال الاجتماع، أن يُقدم المرشحون للمناصب، سيرة ذاتيه له لانتخابه على أسس صحيحة، لكن الأمور بدت أمر واقع، ما فجر نميمة بين قيادات الائتلاف، رفضوا خلالها ما تم خلال الاجتماع، وهنا أيضاً سؤال مهم، هل ما حدث خلال الاجتماع يشير إلى أن المُنضمين له حضروا فقط لإقرار أمر واقع دون التدخل فى حسمه؟، وكيف لك أن تؤسس بتلك الطريقة ائتلاف ديمقراطى؟

عدد من المشاهد فى الاجتماع، صنعت "خناقات" أخرى، أولها كان ظهور عدد من نواب "المصريين الأحرار" به، رغم قرار حزبهم بعدم المشاركة فى الائتلاف، ما تسبب فى فصل الحزب لـ"مى محمود" النائبة عنه، وحقق مع الآخرين، مشدداً على استمرار قراره بعدم المشاركة، وتوالت التصريحات بين النائبة التى هاجمت حزبها، وحزبها الذى شن الحرب عليها، ما يبرز أسئلة أخرى: هل حضر نواب المصريين الأحرار لأنهم شعروا فجأة أن حزبهم ليس أفضل من هذا الائتلاف؟ أم أنه كان هناك تعمد لضرب الحزب "كتف قانونى"؟

الخلاف حول لجنة الشباب


المشهد الثانى فى الاجتماع، هو عدم حضور أحد أبرز قياداته، طاهر أبو زيد وزير الرياضة الأسبق، ما أكد صحة الخلاف الواسع الذى حدث بينه وبين رجل الأعمال محمد فرج عامر، بشأن تولى رئاسة لجنة الشباب، فيما تكشف مصادر مقربة من "أبو زيد"، أنه قرر الإنزواء عن الائتلاف فى الفترة الحالية، لاعتراضة على آلية إدارة الأمور بها، فضلاً عن تناقض تصريحات قياداته، وهنا أيضاً سؤال هام، هل توزيع المناصب فى الائتلاف مُتفق عليه؟ أم أنها ماشية بـ "الدراع"؟

24 ساعة فقط مرت على "العك" الذى خلفه هذا الاجتماع فى الشارع السياسى، حتى خرج المهندس نجيب ساويرس رجل الأعمال ومؤسس حزب المصريين الأحرار، ليفتح النار على الجميع، فى حواره مع "اليوم السابع"، قال فيه إن "ائتلاف دعم مصر بيحاولوا يعملوا خرفان بمرشد"، و"السيد البدوى وراء تراجع حزب الوفد"، و"مستقبل وطن أخذ دعم ممن عوقوا حزبه"، ما أعطى الشارع السياسى سخونة مضافة إلى ما كان عليها.

خرج الجميع، بعضهم يردون على "ساويرس"، فى مشهد ليس له وصف سوى "الخناقات" أيضاً، نواب ائتلاف "دعم مصر" هاجموه بحدة، حتى أن علاء عبد المنعم هدد بمقاضاته، و"البدوى" قال له "خليك فى حالك وأنا مش عاوز أقول إيه اللى عمله حزبك فى السياسة"،و"مستقبل وطن" قال له "ركز بأمور حزبك، ولا توجد أجهزة تدعمنا"، وهنا سؤال مهم لهم جميعاً، كيف يثق المواطن فى كيانات تُدير خلافاتها بتلك الطريقة؟ وهل تلك الطريقة تجلب تنمية أو تطوير؟

حزب مستقبل وطن


لم يتوقف عدد "الخناقات" عند ذلك الحد، بل فاجأ حزب مستقبل وطن الجميع، فى اليوم التالى للمشهد الذى صنعه "ساويرس"، وذلك بإعلان عدم مشاركته فى ائتلاف "دعم مصر"، وقال محمد بدران خلال الاجتماع الذى أعلن فيه هذا القرار :"دخلنا القائمة مُجبرين، ومش هنشارك فى الائتلاف، وإحنا حزب الأكثرية فى البرلمان، وهنشكل الحكومة خلال 3 شهور، ومش هنسمح يكون البرلمان تورتة بتتقسم"، ليكون ذلك المشهد أول مسمار فى نعش "دعم مصر"، لكن السؤال الأهم هنا لمحمد بدران، من أجبرك على دخول القائمة؟، وماذا عن تفاصيل تقسيم "التورتة"؟، وهل إتخذت قرارك، لكون قطعة "الكيك" الذى إقتُسمت لك صغيرة؟ أم أن أحداً أجبرك على إتخاذه فى ضوء أن من يقبل أن ينحنى مرة ينحنى مرة أخرى؟

الأمور عند "مستقبل وطن" لم تتوقف عند هذا القرار، بل أن عدد من نواب الحزب أكدوا إستمرار مشاركتهم فى الإئتلاف رغم قرار "بدران"، مؤكدين أنهم لم يعلموا بالقرار إلا حينما قاله رئيس الحزب، ما يعكس خلاف واسع بين صفوف الحزب، على هذا القرار، لكن هذا الشهد يفتح الباب للحديث حول نقطة هامة، لماذا يدخل عنصر "المفاجأة" دائماً فى القرارات التى يجب أن تُتخذ بشكل جماعى؟، وهل إختار الشعب نوابه ليُتلى عليهم قرارات خاصة بهم دون مناقشة؟

عقب ذلك بساعات، أصدر حزب الوفد بيان أكد فيه، عدم مشاركته فى الإئتلاف، فى ضوء اجتماع هيئته العليا، الذى أكد فى بيان له، أن لائحة الإئتلاف تشير إلى أن حزب جديد يتكون مقابل هدم بقية الأحزاب، وبذلك كان إنسحاب ثانى أكبر الأحزاب فى الإئتلاف، لتكون تلك الخطوة ضربة قاسمة له، إلا أن مصادر تكشف أيضاً إستمرار مشاركة عدد من نواب الحزب فى الإئتلاف رغم القرار، ما يصنع خلاف آخر فى صفوف "الوفد"، والسؤال هنا للدكتور السيد البدوى، ما الفرق بين يوم الجمعة الذى قررت فيه المشاركة فى الإئتلاف ويوم الأحد الذى قررت فيه عدم المشاركة؟، وكيف سيتسيطر على نوابك الذين قرروا استمرار مشاركتهم فى الإئتلاف؟

لم يسلم حزب المصريين الأحرار، أيضاً من تلك الخلافات الداخلية، فبالإضافة إلى قصة النائبة المفصولة، صرح النائب علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أن النائب عماد جاد، ليس مرشحاً لوكالة مجلس النواب، وأن الحزب لديه مرشح آخر، ورد عليه "جاد" قائلاً: "هو مين علاء عابد وإيه تاريخه فى السياسة، علشان يقول كده"، وإستمر السيجال بينهما، حتى أعلن الأخير إستقالته من الحزب نهائياً، ما يشير إلى أزمة حقيقية يمر بها الحزب.

تعال نقف قليلاً، إنظر إلى هذا المشهد، إئتلاف الأغلبية تفكك، كل الأحزاب تعانى من "خناقات" بداخلها، و"خناقات" بخارجها، كل الأحزاب دعت المستقلين للانضمام إليها، لتكوين إئتلافات مستقلة، كل الأحزاب تقول أنها "الأغلبية" فى البرلمان، وهى بالأساس ليس لها قبضة على جميع نوابها، لكن السؤال الأهم، من يحرك النائب فى مصر للانضمام إلى هذا الإئتلاف أو ذاك الحزب؟ وهل الصراع على الزعامات أم صراع على مصلحة الناس؟، ولو مصلحة الناس، أرونى برامجكم، رؤيتكم، مشاريعكم فى البرلمان، الذى يجب أن يكون المنافسة عليها؟.

المعلومات تؤكد أن المستقلين تائهون، بين الخلافات المتعددة بين الكيانات التى تحول رغبتها فى الزعامة، دون التوافق بينها لتشكيل إئتلاف موحد، فلا هم مقتنعون بالإنضمام لإئتلاف تم تشويهه ولم يعد قادراً على إقناع الآخرين، ولا هم مقتنعون بالانضمام لكتلة يدعو لها حزب لا يعرفون برامجه، ولا هم إستطاعوا أن يشكلوا كتلة لهم، ليبرز السؤال المهم، كيف ندخل برلمان بعد أيام، ونحن أمام هذا المشهد المخيف من الفُرقة؟.


تفسير تلك "الخناقات" غامض جداً، لكن جانباً مهماً يجب طرحه، هو أن الحديث عن تدخلات الأجهزة الأمنية فى العملية السياسية، أصبح "على عينك يا تاجر"، فقال "ساويرس" فى حواره مع "اليوم السابع"،: "أجهزة الأمن تدخلت لإنجاح شخصيات وإسقاط شخصيات فى الانتخابات"، وقال نائب عن حزب الوفد، فى مؤتمر له بمجلس النواب، أن جهة أمنية أجبرت الحزب، على الدخول فى إئتلاف "دعم مصر"، وقال محمد بدران رئيس حزب مستقبل وطن "دخلنا القائمة مُجبرين"، وقال النائب عبد الرحيم على، : "الأمن يحرك دعم مصر، وما يحدث هيودى البلد فى ستين داهية".

ذلك المشهد المُزعج يفرض عدد من الأسئلة: من يدير السياسة فى مصر -إن إفترضنا وجودها-؟، وتُدار لصالح من؟، ومن يتحكم فى خريطة البرلمان؟، وبأى هدف؟، وهل يحتاج الرئيس لكتلة فى البرلمان؟، ولماذا يحتاجها؟، وهل يعرف من يدير الأمر أن ذلك المشهد سينعكس داخل البرلمان؟، وهل يحتاج نواب الشعب أصلاً لأحد يديرهم؟، بغض النظر عن كشف هوية الشخص أو الجهة أو الجهاز الذى يدير، الثابت أنه "ما بيعرفش".


موضوعات متعلقة:


- "مواقع إخوانية" تبدأ معركة تشويه المشهد السياسى..فبركة تصريحات لأحزاب تهاجم ائتلاف دعم مصر.. مستقبل وطن:قررنا عدم الحديث مع الإعلام قبل بدء جلسات البرلمان وتصريحاتهم مضروبة..وخبير:محاولة لتشويه المشهد











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة