إذا قررت أن تعود بالذاكرة إلى الوراء، سواء إلى ما قبل ثورة 25 يناير، وما بعدها، خاصة فيما يتعلق بالوضع السياسى وتغييراته السريعة والمتقلبة، تجد أن كل فصيل سياسى يقفز على المشهد، يكرر نفس سيناريو الأخطاء التى ارتكبها من سبقوه، حتى «بالغلطات الإملائية» دون أى استفادة، وكأن الجميع أصيب بعمى البصر والبصيرة، أو مسحورين.
واضح أن آفة حارتنا النسيان، فعلًا وقولًا، وأن لعبة المصالح واحدة بنفس مادتها الخام، لا فرق بين الحزب الوطنى المنحل من أحمد عز إلى أعضاء لجنة السياسات، ونشطاء ونخبة 25 يناير من شباب الثورة، إلى البرادعى وعمرو حمزاوى وعلاء الأسوانى، وممدوح حمزة، إلى جماعة الإخوان من بديع ومرسى والعريان والبلتاجى، إلى السلفيين، حازم أبوإسماعيل وحسام أبوالبخارى، ثم المتلونين الذين يغيرون من «جلدهم» بألوان الطيف السياسى السائد مثل عبدالمنعم أبوالفتوح، ويونس مخيون ونادر بكار، ثم الكيانات والفصائل السياسية التى قفزت على المشهد من ائتلافات وأحزاب عقب ثورة 30 يونيو، جميعهم يرتكبون نفس الأخطاء والخطايا.
بل لا يمكن أن تكون متجاوزا إذا أكدت أن الأحزاب والفصائل السياسية ترتكب حاليا أخطاء أكبر وأشمل، ورغم أنها كيانات صغيرة، إلا أنها تنظر إلى مصالح حزبية وسياسية ضيقة، وتتصارع وتتناحر للحصول على أكبر عدد من المقاعد فى القوائم الانتخابية، أو يكون لها وضع ومزايا خاصة تحت قبة البرلمان بانضمامها لعضوية ائتلاف بعينه.
كما أن النخب السياسية التى صدعونا قبل بدء الانتخابات البرلمانية، وبعدها، عن نجاحهما فى تأسيس ائتلافات يمثل أغلبية تحت القبة تستطيع أن تكون صوتا مؤثرا يمثل قوة ضاربة فى توجيه مسار القرار السياسى، جميعها فشلت، وأرجع عدد كبير من هذه النخب ورؤساء الأحزاب سبب الفشل إلى محاولة السيطرة والاستحواذ وهى الخطيئة التى وقع فيها كل من الحزب الوطنى المنحل وجماعة الإخوان الإرهابية عندما سيطرا على مجلسى الشعب والشورى.
المخاوف الحقيقية من عدم تغليب المصلحة العامة على المصالح الحزبية الضيقة، سيدفع ثمنها الأحزاب والنخب والائتلافات غاليا، لأن البرلمان المقبل سيكون محط أنظار ومتابعة دقيقة من رجل الشارع العادى، بجانب المنظمات والهيئات الرسمية الدولية، لتشكيل صورة عنه، لذلك فإن التشرذم، وعدم وجود كيان كبير واضح سيخلق «أسماكا صغيرة» غير مؤثرة ومتناحرة فيما بينها.
وبما أن المقدمات المتطابقة، تعطى نتائج متطابقة، فإن مقدمات أداء عدد كبير من النواب، كان سيئا، ومرتبكا، وسرب الخوف والقلق فى نفوس المواطنين، قبل النخب الوطنية، من تحول الأسماك الصغيرة إلى متوحشة بزيادة جرعة المزايدات على الدولة، والمعارضة من أجل المعارضة، للفت الأنظار إليه واكتساب شعبية فى الشارع، وهنا الخوف كل الخوف يا «بدران».
تصدع ائتلاف «دعم مصر»، أثار لعاب كل رؤساء الأحزاب فى محاولة تشكيل ائتلافات على أنقاضه، خاصة الأحزاب التى احتلت المراكز الثلاثة الأولى من حيث الحصول على مقاعد بالبرلمان، «المصريين الأحرار والوفد ومستقبل وطن»، بجانب محاولة المتعاطفين مع ثورة 25 يناير لتشكيل تكتل يحمل اسم «العدالة الاجتماعية».
الأمل إذن فى النواب المستقلين البعيدين عن عباءة المصالح الحزبية الضيقة، وتسلط رؤساء الأحزاب الباحثين عن السلطة والشهرة والمحافظة على مصالحهم الخاصة، وأن الغالبية الكاسحة من المستقلين يمكن لهم أن يكونوا سندا ودعما حقيقيا لائتلاف دعم مصر، ويمثلون الأغلبية، ويساندون الدولة الوطنية بكل قوة.
رؤساء الأحزاب، خاصة حزب مستقبل وطن، يمارسون طقوسا سياسية شبيهة إلى حد التطابق مع سياسة الحزب الوطنى المنحل وحزب الحرية والعدالة الذراع اليمنى لجماعة الإخوان الإرهابية، وحزب النور الذراع السياسية للسلفيين المتطرفين، وحزب الدستور لسان حال الفوضويين فى الشارع، وياما فى الجراب يا «بدران»...!!!
ولك الله يا مصر...!!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة