لكل فعل نتيجة، وتحديد معايير النجاح والفشل حسب النتائج على الأرض، بعيدا عن التنظير والشعارات، وإذا كانت ثورة 25 يناير هى أعظم الثورات فى تاريخ مصر، حسب ما يرى اتحاد ملاكها، فما هى نتائجها العظيمة والمبهرة التى صنعتها فوضعتها فى مرتبة الثورات العظمى التى غيرت وجه العالم؟
الحقيقة، ودون تجميل، أن ثورة 25 يناير غيرت بالفعل ملامح وجه منطقة الشرق الأوسط، التغيير كان للأسوأ، حيث تجاوزت شرار نيرانها الحدود، ووصلت إلى ليبيا وسوريا واليمن، فأسقطت هذه الدول، وقتلت وشردت شعوبها، ومنحت الأعداء الفرصة كاملة لتنفيذ مخططاتها للتدخل وتأجيج الفوضى والنعرة الطائفية الهادفة للتقسيم، وأخرجت التيارات والتنظيمات الإرهابية من جحورها، ودفعت بها إلى سدة الحكم.
لن نتحدث عن مجمل نتائج ثورة 25 يناير الكارثية، سنكتفى فقط بذكر عدد قليل من هذه الكوارث الحقيقية، على سبيل المثال:
الكارثة الأولى: تمكين التنظيمات المتطرفة من العبث بمقدرات الدول العربية والإسلامية لصالح إسرائيل، وأصبح الجهاد فى بلاد الإسلام فقط، وتضخمت هذه التنظيمات، وأصبحت تطلق على نفسها «دولة» مثل داعش.
الكارثة الثانية: قضت على أمن وأمان واستقرار الدول التى اندلعت فيها، ودمرت اقتصادها، وزرعت الصبار، وأعشاب المر والعلقم فى سويداء قلب كل متع الحياة للفقراء والغلابة، مثل الألعاب الرياضية بشكل عام، وكرة القدم بصفة خاصة، والسينما والمسرح.
لعبة كرة القدم كانت مصنع إنتاج السعادة للغلابة قبل 25 يناير، والملاعب كانت قِبلة كل أفراد الأسرة، أطفال وشباب وفتيات والزوج والزوجة، الجميع كان يذهب لقضاء يوم جميل يشجع الفريق الذى ينتمى إليه، ويعودوا إلى منازلهم مبسوطين.
بعد 25 يناير تحولت كرة القدم من مصنع إنتاج السعادة، إلى مصنع إنتاج القنابل والمتفجرات والشماريخ، والقتل والموت، والدمار، وتمكنت التنظيمات الإرهابية من السيطرة على روابط الألتراس وسخرتهم لخدمة أهدافهم، وتورطت شخصيات رياضية فى دعم وتقوية شوكتهم واستخدامهم سيفا ضاغطا ومسلطا على رقاب خصومهم.
الألتراس تسببوا فى ارتكاب مجازر لم تشهد مصر مثلها من قبل، سواء مجزرة استاد بورسعيد، أو مجزرة استاد الدفاع الجوى، وكالعادة تحولت هذه المجازر إلى مظلوميات، وبدلا من محاكمة رؤوس الفتنة التى تقود هذه الروابط المسيسة والمرتمية فى أحضان جماعة الإخوان وعدد من النخب الفوضوية، اتجهت سهام الاتهامات إلى الدولة، متمثلة فى مؤسساتها الأمنية، الجيش والشرطة،ورغم أن القاصى والدانى يعرف كل رؤوس الفتنة المحرضة على ارتكاب العنف، والمذابح البشرية، وتقود هذه الروابط الإرهابية بموجب حكم قضائى واضح لا لبس فيه، فإن الدولة والمؤسسات المعنية عن الرياضة مثل الاتحادات ومجالس إدارات الأندية، تركوا الساحة خالية تعبث فيها هذه الروابط الإرهابية، وكأن الأمر لا يعنيهم.
وعندما تصدى الكابتن أحمد شوبير لهذه الروابط، وأطلق صرخات التحذير منذ ظهورها على الساحة فى 2007 ، تعرض الرجل لكل أنواع الانتقاد والتهديد والوعيد، من نظام مبارك الذى كان يتخيل أن انخراط هذه الروابط فى تشجيع الأندية سيشغلها عن العمل السياسى، ولم يعلم أن هذه الروابط كانت عاملا مهما ومحوريا فى إسقاطه فى 25 يناير.
ثم استمر شوبير فى التحذير من هذه الروابط بعد الثورة، حيث كشفت عن وجهها القبيح، وأنها داعمة لجماعات وتنظيمات إرهابية وتعرض الرجل لكل حملات التهديد والتنكيل، ولم يسانده أى جهة حكومية أو رياضية، كما واجه رئيس نادى الزمالك الحالى هذه الروابط بكل قوة، دون أى مساعدة أو مؤازرة للأسف، واستمرت هذه الروابط فى تلويث متعة الغلابة بزرع الصبار وأعشاب العلقم فى ملاعب كرة القدم.
دندراوى الهوارى
حتى متعة الغلابة بـ«كرة القدم».. 25 يناير حولتها «علقم ومرار»
الأربعاء، 23 ديسمبر 2015 12:00 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة