نودع عام 2015 بإشارة جميلة ودالة، وهى ترافق المولد النبوى الشريف مع حلول عيد الميلاد المجيد، ورأينا كيف ابتهج المصريون واحتفلوا معا بالعيدين فى أجواء من السماحة والمحبة ميزت علاقات المسلمين والأقباط الطبيعية فى الماضى، وهاهى عادت بعد سنوات قليلة من محاولات المتطرفين تعكيرها وتوتيرها لمصلحة الأعداء.
كنا نتساءل دائما عن مصلحة شيوخ التطرف، فى استعداء إخوتنا فى الوطن وإيلامهم بالفتاوى الشاذة والمهينة، التى تدعو فى المجمل إلى تكفيرهم وعدم تهنئتهم بأعيادهم، فيما يخالف صحيح الدين الإسلامى وما درجنا عليه من عادات فى مجتمعنا من مودة إخوتنا وجيراننا المسيحيين فى أعيادهم بل والاحتفال معهم أيضا.
وبعد أن مررنا فى مصر والمنطقة العربية بمرحلة الفوضى، تأكد لنا عمليا أن التنظيمات الإرهابية وقواعدها من الجماعات الإسلاموية المتطرفة هى بالتأكيد صناعة غربية لضرب الدولة المصرية، وأن صعود هذه الجماعات والتنظيمات يتناسب عكسيا مع قوة الدولة وتماسكها وسيطرتها على مصالحها، تماما مثل الفيروس الكامن فى الجسد لا ينشط ويمرض الجسد إلا فى حالات إضعاف المناعة أو الإنهاك.
ورأينا بأعيننا كيف تم إضعاف مناعة الدولة وإنهاكها اقتصاديا وأمنيا بالعمليات الإرهابية والحصار الاقتصادى، وكيف خرج الفئران المتطرفون من الجحور خلال هذه الفترة القاسية وبدأوا ينخرون ويقرضون أساس السلام الاجتماعى فى بلدنا وضرب المودة والرحمة بين المسلمين والأقباط بالفتاوى الكريهة المزيفة التى تعلموها من شيوخ الوهابية المغرضين ومن قيادات المتطرفين الإرهابيين.
ولو بحثنا عمليا وراء الجماعات والحركات المتطرفة فى مصر، سنجد وراء تمويلها والإنفاق عليها وعلى مخططاتها دائما ذيول واشنطن والاستعمار الغربى الجديد، وسنجد حقائب الدولارات تمر عبر سفارات عربية وأجنبية معروفة ومرصودة إلى كبار مشايخ الفتنة الذين يسرحون أتباعهم وصبيانهم لنشر النار فى المجتمع، مقابل ارتباطهم اقتصاديا من خلال مشروعات وشركات صغيرة توفر لهم مصدر الدخل والعمل.
وعندما استعادت الدولة جزءا ملحوظا من عافيتها وضربت قواعد الإرهاب وحجمت سرطان الجماعات المتطرفة، ماذا حدث؟ رأينا ولمسنا النتيجة على الفور بعودة الروح المصرية الأصيلة ومناخ المودة والتراحم الطبيعى بين عنصرى الأمة، الأمر الذى يحتم علينا جميعا مواجهة صعود هذه الجماعات مرة أخرى أو السماح بوجود قواعد وأساس لها تحت ستار دعوى.
لا يجب أن تسمح الدولة مجددا بأى وجود ولو رمزى من خلال الجمعيات الأهلية لمثل هذه الحركات والدعوات المتطرفة، ويجب إغلاق القائم منها ومصادرة أموالها لصالح وزارة التضامن الاجتماعى، لأن خطرها قائم وكبير فى جميع الأحوال، ففى مرحلة الاستضعاف تمثل قاعدة لغسل أدمغة الشباب الفقير العاطل، وتمويل رحلات البعض منهم للتتلمذ على أيدى كبار المتطرفين الوهابيين فى الخارج، وفى مرحلة التمكين يعملون فعليا على تدمير المجتمع وتفكيك الدولة ونشر الكراهية والتعصب بين كل عناصر الأمة.
معركة الدولة المقبلة يجب أن تكون مع الجمعيات والجماعات والحركات السلفية المتطرفة، لأن مشايخهم يكفرون المجتمع والدولة ويعملون دائما على اقتطاع مناطق ومساجد يعتبرونها محررة لنشر أفكارهم المسمومة، ولن يقبلوا إطلاقا بالعيش مواطنين مسالمين دون تعصب أو كراهية، فلزاما على الدولة مواجهتهم بأسلوب حاسم يختلف عن أسلوب الاحتواء والتجميد أو التحييد الذى اتبعه جهاز أمن الدولة فى عهد مبارك، وليسأل المسؤولون أنفسهم سؤالا واحدا، أى نموذج نريد للمجتمع، الاحتفال المثالى بالمولد النبوى مع عيد الميلاد أم نموذج محمد عبدالمقصود ووجدى غنيم اللذين يكفران المصريين المسيحيين ويهدمان المجتمع؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة