لم يشأ عام 2015 أن يودعنا، إلا ويترك ذكرى سعيدة، بتوجيه ضربة قاضية للإخوان والسلفيين، فبالصندوق والإرادة الشعبية والانتخابات التى شهد الجميع بنزاهتها، قال الناخبون كلمتهم «ليس لكم مكان فى البرلمان المقبل»، وانزاحت عن قلوب المصريين حدة الاكتئاب، من مناظر أصحاب اللحى المنكوشة والملابس الرثة، وهم يجلسون فى المقاعد الأمامية، ولن نحزن على بلدنا من مشهد برلمان طالبان، ولن نأسف على رحيل البلكيمى وقورة وسلطان إلى غير رجعة، ومعهم من كانوا يزايدون على إسلامنا، برفع الآذان أثناء انعقاد الجلسات، ووداعًا إن شاء الله إلى الأبد، لنواب الكذب والغش والخداع، والنائب الذى يرفع لرئيس المجلس لافتة مكتوبا عليها «أريد الذهاب لدورة المياه».
قولوا ما شئتم عن سلبيات البرلمان الجديد، وصراع الفائزين لقضم اكبر قطعة من الكعكة، واستعراض المال السياسى لعضلاته، لكنه فى النهاية برلمان لن يبيع مصر، ووضع المسمار الأخير فى نعش الإخوان والسلفيين، ولن يتآمر على وحدة أراضيها، ولن يكون مسرحا لعرائس متحركة، يمسك خيوطها مكتب الإرشاد، ويرسم سياسته المرشد والشاطر وأبوإسماعيل، لن يكون برلمانا لجماعة أو أهل وعشيرة، وإنما هو برلمان ممثل للقوى السياسية الموجودة فعليًّا على أرض الواقع، برلمان بلا إخوان أو سلفيين، لن يذيق البلاد مرارة الفتن، ولن نرى فيه نائبا يفتى بعدم تهنئة المسيحيين فى أعيادهم، ولكنه سيكون أول المهنئين لشركاء الوطن.
لأن الشعب صاحب السيادة، انتصر للتآخى والتلاحم والوحدة الوطنية، ولم يعط صوته لدعاة الفتن والفرقة والتشرذم، ويكفى عام 2015 أنه اعطى درسا قاسيا للإخوان والسلفيين، وبالمناسبة هم جماعة واحدة وليسوا فريقين، ليستيقظوا على أكذوبة صنعوها وصدقوها عن شعبيتهم الزائفة.
قال لهم الشعب «أنا صاحب السيادة»، وشرعية الوطن فوق شرعيتكم، والصندوق معى وليس مفتاحه معكم، فلا شرعية لمن يريد طمس هوية مصر، وضرب قوتها الناعمة، والملايين التى خرجت تفتديها فى 30 يونيو، عادت تحتشد أمام الصناديق فى الانتخابات البرلمانية، وأثبتت للعالم أجمع أن ثورتها لم تكن انقلابا، وأنها استكملت خارطة المستقبل، وأن الشرعية الزائفة ذهبت إلى غير رجعة، وأنها تطوى إلى الأبد صفحة المعزول وجماعته وأهله وعشيرته، بعد أن ذاقت بنفسها مرارة ضياع الوطن، وأن ماضيها وحاضرها ومستقبلها فى مهب الريح، وأن الإخوان حفروا قبورهم بأيديهم.
قولوا ما شئتم عن عام 2015، ولكنى أرى فيه بداية الأمل، وأنه يفسح الطريق لعام جديد، لمواصلة خطط التنمية والمشروعات الكبرى، التى نتعشم أن تنعكس آثارها على المواطن البسيط، تنمية عادلة وشاملة لا تذهب إلى جيوب رجال الأعمال، وأصحاب الكروش المنتفخة، بل إلى الفقراء ومحدودى الدخل والعاطلين وسكان المناطق العشوائية، فيشعرون بأن أحضان الوطن تحتويهم وتشعرهم بالدفء.
استبشر خيرًا فى العام الجديد، وأن رئيس الدولة يضع نصب عينيه شعبا يريد أن يعيش ويأكل ويشرب ويعيش عيشة كريمة، وسيضرب بيد من حديد كل من يحاول أن يهدد سلامة مواطنيه أو يعطل معركة التنمية والبناء، لإسعاد الملايين التى اختارته وكلفته بتحقيق آمالها وتطلعاتها، ولا وقت عنده يضيعه فى الجرى وراء محاولات تشتيت جهده وإنهاك موارد البلاد المحدودة.