لماذا لا تفتح الحكومة ملف تقنين الأراضى الشائك؟.. تساؤلات حول ما وصل إليه الروتين والفساد بالهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية.. رجال الأعمال تائهون بين ضياع أموالهم أو دفع الرشاوى

الأحد، 27 ديسمبر 2015 07:51 م
لماذا لا تفتح الحكومة ملف تقنين الأراضى الشائك؟.. تساؤلات حول ما وصل إليه الروتين والفساد بالهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية.. رجال الأعمال تائهون بين ضياع أموالهم أو دفع الرشاوى وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال
كتب الأمير نصرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ملف تقنين الأراضى مازال هو الملف الشائك الذى لا تريد الحكومة الاقتراب منه، دون أسباب واضحة ومفهومة رغم علمها بأنه ملف غاية فى الأهمية، كونه يمس عددًا ليس بقليل من المستثمرين ورجال الأعمال، كما أن تجاهله يعطى رسالة سلبية عن مناخ الاستثمار فى مصر، فكيف لمستثمر أن يغامر بضخ أمواله فى مشروع بمصر وأمامه مستثمرون ورجال أعمال مصريون يتم ملاحقتهم أو محبوسون بسبب هذا الملف الذى تتناساه الحكومة.

أى طريق تريد الحكومة أن يسلكه المستثمرون؟، فأبواب التقنين مغلقة أمامهم بـ"الضبة والمفتاح"، ومنهم من دفع الملايين منذ سنوات ولا يزال رهن التهديدات الحكومية التى لا تهدأ ضده، إما بالحبس أو بمصادرة الأراضى وضياع الأموال التى تم دفعها منذ سنوات.. هل هذه هى الرسالة التى تريد الحكومة أن تصل للمستثمرين المصريين والأجانب؟

أمامنا على سبيل المثال قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة والمتهم فيها وزير الزراعة المحبوس صلاح هلال،  وآخرون، فالتحقيقات تكشف عن المدى الذى وصل إليه ملف تقنين الأراضى والذى أصبح رهنا لإرادة ضعاف النفوس، فرجل الأعمال المتهم فى القضية - وبحسب أوراق القضية - تقدم منذ سنوات عديدة بعدد من الطلبات للدولة لتقنين وضع الأرض التى استزرعها بالكامل، وتبلغ مساحتها 2500 فدان بناحية وادى النطرون بمحافظة البحيرة، وبحسب خالد أبوبكر - محامى رجل الأعمال المتهم - وبحسب التحقيقات أيضا، فإن هذه الأرض تخضع للأحكام المقررة لتقنين الأراضى الصحراوية بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية، وفقا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 والقرار الوزارى رقم 148 لسنة 1989، وجاء تسلسل الحصول عليها بموجب عقد تنازل عن أرض صحراوية غير مستصلحة مؤرخ فى 5/1/2008، محرر له من باسم فؤاد إبراهيم كوهية عن نفسه وبصفته الممثل القانونى لشركة "كوهية" للدواجن، ويوضح العقد أن الأرض المتنازل عنها كانت تقع ضمن مساحة من الأرض واقعة تحت يد شركة الريف الأوروبى للتنمية الزراعية، وقام عبدالله عبدالحميد سعد، بصفته رئيس مجلس إدارة شركة الريف الأوروبى للتنمية الزراعية، بالتنازل عنها لصالح السيد كوهية الذى تنازل عنها لرجل الأعمال المتهم بالقضية

التحقيقات فى القضية تثبت أنه بناء على ذلك تقدمت شركة "كايرو ثرى دى" للإنتاج الزراعى والحيوانى بالطلب رقم 6844 بتاريخ 3/5/2010 لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، لتقنين وضع يدها على المساحة المذكورة، وقامت الشركة بسداد مبلغ 2 مليون وخمسمائة ألف جنيه، بموجب شيك بنكى للهيئة، وتقدمت الشركة بالمستندات المطلوبة للسير فى إجراءات تقنين الأرض نفاذا للقانون، وتم إجراء المعاينة على الطبيعة والمعاينة بالاستشعار عن بعد "القمر الصناعى".

الأمر لا يتوقف عند إجراءات الحصول على الأرض، لكن رجل الأعمال المتهم والذى ينتمى إلى عائلة لم يعرف عنها يوما فى مجتمع رجال الأعمال أنها لجأت لطرق ملتوية من أجل تسهيل أعمالها، أقام وبحسب محاميه خالد أبو بكر 11 دعوى قضائية يطالب فيها بحقه فى تقنين وضع الأرض، والمفاجأة فى الأمر أن هناك تقارير رسمية بعد معاينات من أكثر من لجنة من وزارة الزراعة أثبتت أن الجميل استصلح هذه الأرض بالكامل، وزيادة على ذلك فإن رجل الأعمال دفع 2.5 مليون جنيه لخزانة الدولة بإيصال رسمى لتقنين وضع الأرض، بل وتوجه إلى الرقابة الإدارية كثيرا من أجل تقنين الأرض ولكن بدون جدوى، ما يعنى بديهيا أن قانونية الوضع كانت متوافرة فى كل الإجراءات، لكن وبحسب أمر الإحالة فإن وزير الزراعة السابق ورجله فى الوزارة محيى قدح بدأ فى طلب الرشاوى التى تنوعت ما بين تأشيرات للحج، وعضوية بالنادى الأهلى للوزير وأسرته، وصيدلية لابنة الوزير، وغير ذلك مما تم تداوله وكشفت عنه التحقيقات، ليصبح رجل الأعمال بين طريقين، إما الاستجابة لما يطلبه أكبر رأس فى الجهة المنوط بها إنهاء إجراءاته، أو الرفض وإجهاض كل ما تم عبر سنوات من خطوات انتهت بالأرض، إلى أن يكون كل متر فيها وبحسب أبوبكر منزرعا بالكامل، وصار أمام رجل الأعمال الرافض للجوء للرشوة منذ بداية مشروعه أن يستجيب مضطرا أو دفاعا عن جهد سنوات وإجراءات بات واضحا أن هذا هو الطريق الوحيد لإنهاء دوافعها.

الواقع يؤكد أننا أمام قضية تلخص ما يحدث فى ملف تقنين الأراضى، والذى يدفع أصحاب الحقوق مضطرين للتجاوب مع ضعاف النفوس وأصحاب القرار فى نفس الوقت، فإذا ما نظرنا إلى رجل الأعمال سنتوصل لخلاصة أنه لو ساندته الدولة فى مشروعه الاستثمارى الزراعى لرأينا عائدا غير عادى، ولما اضطر فى النهاية للتجاوب مع طالبى الرشوة من مسئولين كبار على رأسهم وزير ومدير مكتبه، فأى منطق ذلك الذى يدفع الحكومة لتمتنع عن تقنين أراضى مستثمر كبير رغم أنه حاول سلوك الطرق القانونية؟

قضية وزارة الزراعة مثال لما يحدث فى هذا الملف، ودليل على ما وصلت إليه دولة الروتين والفساد بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى.. وهذا الوضع يحتاج لتدخل فورى من الحكومة لنزع فتيل هذا الملف الشائك، ولكى تعود الحقوق لأصحابها، وإلا تضع القيود على المستثمرين وتجعلهم عرضة للابتزاز أو الروتين الذى يمسح كل ما تبذله الدولة من محاولات لجذب الاستثمار الأجنبى، فلا يوجد مستثمر يضمن أن يضخ أمواله فى دولة معرض فيها للحبس فى أى وقت.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة