الماضى والحاضر يتعانقان فى ملتقى التصوير
كان المشهد مبهرا، عشرات من الفتيات والفتيان، يصاحبهم عشرات من السائحين، وبالقلب منهم العديد من الفنانين التشكيليين المصريين والعرب والأجانب، وفى المقدمة يسير المهندس محمد أبوسعدة، رئيس صندوق التنمية الثقافية، والدكتور محمد بدر، محافظ الأقصر، والدكتور مصطفى عبد المعطى قومسير ملتقى الأقصر للتصوير، والجميع مزهو بافتتاح المعرض الختامى للملتقى يوم الأحد الماضى. زهت الأقصر أولى عواصم الفن فى العالم بعشرات الفنانين الذين أتوا من كل حدب وصوب ليشاركوا فى ملتقى مصر للتصوير، وقف الجميع تحت راية مصرية، فى ملتقى يسير بنجاح من عام إلى عام، حتى بلغ اليوم عامه الثامن بلا انقطاع، ليؤكد أن قوة مصر الحقيقية هى قوتها الناعمة، وأن عظمة مصر الحقيقية تنبع من رقيها وأصالتها وحداثتها.
وعلى ما بهذا الحدث المهم من فوائد، لكن أكثر الفوائد أهمية هذا العام هو أن هذا الملتقى احتوى العديد من الأصوات الشابة الواعدة، وقف شباب الفنانين المصريين من طلبة الفنون الجميلة الذين استضافهم الملتقى هذا العام فى تقليد حميد ليتحدثوا عن أعمالهم بقوة وثبات. والجميل أننى أحضر هذه المناسبة كنت أعلم من خلال وسائل الإعلام السياحة بالأقصر ليست على مايرام، وأن فنادق تلك المحافظة الراقية تكاد تكون خالية، لكن ما أن تم افتتاح المعرض الختامى حتى رأيت عشرات السائحين من مختلف الجنسيات يتحلقون حول الأعمال الفنية المختلفة فشعرت وكأنى أشاهد صورا لمعرض من معارض أوروبا المزدحمة على الدوام، فقلت لو لم نستفيد من هذا الملتقى سوى بهذه الصورة لكفتنا، فالعالم كله يعرف أن مصر أصل الشجرة وأم الحضارات، لكن يغيب عن البعض أن بمصر حركة فنية تشكيلية زاهرة، وأن فنانيها يناطحون أكبر الأسماء العالمية وأهمها، لكن بمثل هذه الملتقيات يتأكد الجميع من أن الشجرة مازالت مثمرة، وأن مصر مازالت قادرة على تلوين الحياة بلون المحبة والتسامح والحوار والجمال. يوم كهذا قادر على تصدير طاقته الإيجابية إليك بشكل قد لا تتخيله، وقادر أيضا أن يعيد إليك الثقة فى مؤسسات الدولة التى تستطيع أن تعمل فى أحلك الظروف وأن تغير الصورة الذهنية عن مصر بمزيد من العمل والتفانى، وفى الحقيقة فإننى لا أجد هنا مهربا من الإشادة بالمهندس محمد أبوسعدة رئيس صندوق التنمية الثقافية الذى يعمل بمعزل عن الضغوط والمعوقات، ويجتهد بقدر إمكانه فى إنجاز عمله على أكمل وجه دون جلبة أو ضوضاء أو تهليل.