لم أكن فى أى وقت مقتنعًا بما يقوله إسلام بحيرى، ولكن كنت أتمنى ألا يدخل السجن، ودون دخول فى تفاصيل القضية، والاتهامات المسندة إليه ودفاعه عن نفسه، فكان يكفى حرمانه من الظهور فى وسائل الإعلام، منعًا لانتشار آراء وأفكار يرى علماء الدين أنها انتهاك للإسلام، وكان يكفى الاستمرار فى الرد على ما يقوله بصحيح الدين، أما السجن فعقوبة تثير فى النفوس الخوف، وتجعل كل مجتهد يتحسس كلامه قبل أن ينطقه، وأنا نفسى أكتب الآن متحسبًا كل كلمة وحرف.
لقد رفض الأزهر إصدار فتوى بتكفير داعش، رغم جرائمها البربرية التى تتنافى مع الأديان، مبررًا ذلك بأنه لا يمكن تكفير من يقيم الصلاة ويرفع الأذان، فلماذا لم تطبق هذه الروح المتسامحة مع إسلام بحيرى، ونقول له أنت أخطأت وتتم مراجعته، بدلاً من المحاكم والقضايا والسجن، وإعطاء رسالة قد يسىء البعض فهمها، فى هذا الوقت الصعب، الذى تلحق فيه بالإسلام والمسلمين، اتهامات ظالمة تتعلق بالإرهاب والإرهابيين، ولماذا نغلق الأبواب فى وجه من أخطأ ويحاول تصحيح خطأه كما فعل إسلام، ونترك له فرصة للعفو والتسامح.
القضاء ليس له ذنب، لأنه يحكم بما تحت يديه من أوراق ووقائع ومستندات، واللجوء إلى القضاء حق دستورى للجميع، ولكن كان من واجب السادة المحامين الذين أقاموا الدعوى، أن يتوقفوا عن الاستمرار فيها، وأن تلعب نقابتهم العريقة دورًا فى استعادة أمجادها القديمة كقلعة للوعى والاستنارة، وأن تدعو إسلام بحيرى وأصحاب الدعوى، وتدير بينهم حوارا نستفيد منه جميعًا، ويكون نبراسًا لمناقشة مثل هذه القضايا فى المستقبل، حتى لا نكرر مأساة نصر حامد أبو زيد .