محمد الدسوقى رشدى

الذكاء الأمنى المفقود!

الخميس، 03 ديسمبر 2015 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كيف تمنح خصمك فرصة دون مقابل؟

تستمد الأنظمة السياسية احترامها وقوتها من جلال ووقار تحركات أجهزتها الأمنية، وتتحول الدولة إلى مرمى يستوعب أهداف النقد والسخرية، إن رزقها الله بقيادات أمنية تمارس عملها على طريقة «الفيل فى المنديل»، أو «العملية فى النملية»، كما كان الحال فى رائعة فؤاد المهندس «شنبو فى المصيدة».

لا أبخس رجال الأمن حقهم وهم يواجهون الإرهاب ويقدمون عشرات الشهداء دفاعا عن هذا الوطن ومستقبله، ولكن على الجميع إدراك أن قرارا ضبطيا واحدا غير مدروس، أو تصرفا أمنيا واحدا غير منطقى فى ظروف صعبة مثل تلك التى تعيشها مصر وهى تحارب تيارا إرهابيا يحظى بدعم خارجى، يشوه أجزاء كبيرة جدا من صورة الدولة المصرية، ويمنح الخصوم من الإخوان والمتربصين فى الخارج فرصة للهجوم على الدولة وإرباك أهلها.

أقول لك ذلك لأن المنطق ومن اخترعه ربما يسقطان ضحية السكتة القلبية لو وصلهما خبر أن بعض المواطنين فى مصر يتم إلقاء القبض عليهم بتهمة حيازة ملصقات أو ارتداء تيشرتات عليها عبارات ضد المحاكمة العسكرية، أو كتب ومجلدات إخوانية التأليف أو الهوى، أو لأن أحدهم قال كلمة معارضة لـ30 يونيو فى منتدى أوروبى.

أسمعك تقول إننا نتكلم عن حوادث فردية لا تستحق التعليق أو التحقيق أو الخوف؟ لا يا سيدى نحن نتكلم عن مأزق وعقلية تنتمى لقوائم المهازل التى تضاعف مساحات الرقع السوداء فى ثياب السلطة، وتمنحها خصوما فرصة للهجوم.

يا سيدى الرغبة الأمنية فى التعملق تحت شعار محاربة الإرهاب أصابها هوس دفعنا لأن نفقد طعم إحساسنا بالأمل الموجود فى مشروع تنمية شرق بورسعيد، بسبب بعض التجاوزات الأمنية التى تسببت فى تعذيب وقتل مواطنين فى الأقصر والإسماعيلية وغيرهما، ووصلت إلى درجة القبض غير المدروس على بعض الباحثين والكتاب ربما يكونوا متهمين وربما لا، تلك حقيقة توضحها الأدلة، ولكن تبقى الكارثة موجودة فى طريقة إلقاء القبض عليه وطبيعة الاتهامات المنطقية التى توجه إليهم، ثم طريقة الإفراج الفجائية عنهم، بعد أن تعلو أصوات الانتقاد فى الخارج.

كل تصرف أمنى غير عاقل وغير مدروس ولا تحميه إجراءات سليمة يمنح الإخوان وغيرهم فرصة لتصدير هذه الحوادث للخارج، وكأن الثورة قامت فى مصر لقمع الحريات. هى إذن لعنة أمنية تبحث عن الخلاص السريع من صداع الإخوان بجمعهم فى السجون دفعة واحدة، دون تحريات واقعية وحقيقية عن ارتكاب جرائم دموية أو تحريضية أو اختراق لقانون الدولة، وهذا الاستسهال الأمنى يمنح المتربصين براحًا يتحركون فيه للتغطية على كل ما هو جيد، وإعادة تقديم الإخوان مرة أخرى للمجتمع فى ثوب ضحية الاضطهاد الأمنى والإقصاء السياسى.. استقيموا وأفيقوا يرحمكم الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة