كرم جبر

غابة الفضائيات والعصا الغليظة!

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015 08:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أخطاء الديمقراطية لا يتم علاجها إلا بمزيد من الديمقراطية، وانفلات الإعلام لا يتم تصحيحه بإدخاله حظيرة الديكتاتورية، ومن الطبيعى فى ظل حالة السيولة التى نعيشها، أن تتصاعد الأزمة بين الدولة والإعلام، وأن تتزايد المخاوف من إجراءات عنيفة، تعيدنا إلى الوراء وتؤلب مخاوف الماضى، وتسترجع مواجع المنع والمصادرة والتأديب، فى زمن غير ذلك الزمان، وعصر لا تصلح معه سياسة العصا الغليظة.

علينا أن نعترف أن الدولة من حقها أن تغضب، لأن سوق الإعلام تحكمه الفوضى، ابتداء من التمويل الغامض واحتمالات غسيل الأموال، حتى الأجندات الخفية التى تعبث فى القضايا الوطنية، ويزداد عمق الأزمة بسبب انعدام قواعد المساءلة والمحاسبة، إلا عن طريق هيئة الاستثمار التى تدس أنفها فى قضايا أكبر منها، وعلينا أن نعترف أيضا أن التأخير فى تشكيل المجلس الوطنى للإعلام، وعدم وجود وزير مختص بشؤون الإعلام، منذ إلغاء المنصب فى حكومة محلب، ترك فراغا كبيرا، وغاب الوزير الذى يلعب دور المنسق العام بين المنظومة الإعلامية، ومؤسسات الدولة ويكون همزة وصل بين الطرفين.
من الطبيعى إذن أن يتحول الإعلام فى الوقت الراهن، إلى غابة من الصحف والفضائيات، ناهيك عن المواقع الإلكترونية وقنوات القرصنة فى الشقق المفروشة، والوضع بالغ السوء والتجاوزات على الشاشة بشكل يومى، حيث حفلت معظم القنوات بمواد ومعلومات ومشاهد بعيدة كل البعد عن الإعلام، ما بين بلطجة وشتائم وخروج عن النص ومشاجرات على الشاشات، وطرد ضيوف من الاستوديوهات وانسحاب آخرين من البرامج، وتتفاقم الأزمات يوما بعد الآخر.

حسم الفوضى يقتضى الإسراع بصدور قانون المجلس الوطنى للإعلام الذى يعيد تنظيم كل هذا الإسفاف، وأن يعود من جديد منصب وزير الإعلام، ولو لفترة زمنية مؤقتة يتم خلالها الانتهاء من التشريعات، واختبار التجربة الجديدة بمزاياها وعيوبها، فلو أراد البرلمان مناقشة قضية تهم الإعلام، من هو الوزير المختص الذى يتولى الرد، ويمثل أمام نواب الشعب، ويكون ممثلا للحكومة ومجيبا عن استجوابات وأسئلة وطلبات إحاطة النواب؟.. لا أحد.

من أهم وظائف وزارة الإعلام، وفقًا للقرار الجمهورى رقم 310 لسنة 1986: «1» اقتراح السياسات التى تحقق الوجود الإعلامى بجميع أشكاله داخليًا وخارجيًا، بما يخدم أهداف المجتمع وتحقيق أهداف التنمية ويعمق الديمقراطية، وذلك فى إطار السياسة العامة للدولة. «2» تزويد الرأى العام العالمى بالبيانات والمعلومات عن مصر، ومواجهة الدعايات المضادة، وتقديم المعاونة للصحفيين والكتاب والمراسلين، وتقديم الحقائق واتجاهات الدولة عن الوحدات والقضايا الداخلية والخارجية.

المهمة الأولى يمكن أن يقوم بها المجلس الوطنى للإعلام، أما الوظيفة الثانية وهى الأهم والأخطر، وتتعلق بمخاطبة الرأى العام العالمى، فسوف تظل شاغرة، حتى فى وجود المجلس المنتظر، حيث نص الدستور على تشكيل ثلاث هيئات فقط، ليس من بينها من يختص بمخاطبة الخارج، وهى المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام المرئى والمسموع. من الذى يقوم بهذه المهمة الاستراتيجية؟.. لا أحد.

من الضرورى أن تدرس الحكومة المقبلة عودة وظيفة وزير الإعلام، لملء المساحات الشاغرة، حتى يستقر النظام الجديد، بشرط أن يكون وزيرا للإعلام، وليس وزيرا للتليفزيون، وأن يبتعد مقر الوزارة عن مبنى ماسبيرو حتى لا يغرق فى همومه ومشاكله، وأن يكون دور الوزير هو دعم حرية الإعلام ومد قنوات الاتصال، واستكمال الإطار التنفيذى الذى يعجز عنه المجلس الوطنى للإعلام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة