يا سيدى يا رسول الله كل أقوالك تنضح منها الحكمة ويملؤها الضياء ويظللها الرفق والرحمة
تولستوى الأديب الروسى العظيم أحب الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وأدرك عظمة شخصيته ورسالته، فأحب ألا يفوته شرف الكتابة عنه، فكتب كتاباً عظيماً عن أجمل أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، التى تحتوى على حكم عظيمة، رأى أنها تصلح لأن يعرفها الشعب الروسى والعالم كله من خلاله، وأسمى كتابه «من حكم النبى محمد»، وقد حكى تولستوى فى مقدمته قصة تأليفه قائلاً: إنه أعجب بالنبى محمد، وراسل الشيخ محمد عبده مفتى مصر وقتها حول رغبته فى هذا الكتاب، وأن يساعده الشيخ فى جمع الأحاديث الشريفة التى تعد من جوامع كلم النبى، صلى الله عليه وسلم، التى تحوى على حكم وعظات تحتاج إليها كل الأمم بغض النظر عن دينها وملتها، لأن الأنبياء ملك للبشرية جمعاء، فشجعه الشيخ محمد عبده على ذلك، وكان حصيفاً حكيماً، فلم يطلب منه الإسلام أو الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، قبل هذا، لأنه مجرد الكتابة عن الرسول نفسها تعنى الحب لهذا النبى والإيمان برسالته، فإن لم يكن فيكفيه أن قراء تولستوى وهو أعظم الكتاب الروس سيكتب عن النبى محمد، ولعل هذه الكتابة تقربه أكثر وأكثر من النبى، وقد جمع تولستوى فى كتابه هذا قرابة 600 حديث تحتوى على باقة من أجمل حكم النبى. وقد كنت فى شبابى أجمع حكم النبى وأحفظها لتلاميذى من الدعاة، لأنهم لا يستغنون عنها أبداً، وقد اقترح علىَّ محمد عبدالشافى القوصى الكاتب والصحفى بالأهرام إبدو والمؤلف لكتاب «محمد مشتهى الأمم»، أن أكتب مقالاً يضم بعضاً من حكم النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، فعزمت على أن يكون هذا المقال.. فإليكم بعض حكمه.
حذر رسول الله من الكذب «يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب»، «ما كان من خلق أبغض إلى رسول الله من الكذب». ويحذر من سوء الظن والتجسس «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا وكونوا عباد الله إخوانا»، «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة». ويدعو إلى الخلق الحسن فيقول «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وسئل من أحب عباد الله إلى الله قال «أحسنهم خلقاً»، «وخالق الناس بخلق حسن». ونهى عن الفحش والتفحش» إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام فى شىء». وحث على الرفق بقوله: «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على سواه»، وكان يهتم بالأمانة ويحب الأمناء ويقول: لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له «ويحذر من الغدر» إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء يعرف به فيقال: «هذه غدرة فلان».
ويحذر من الاختيار بالوراثة أو الولاء أو الرشوة «من استعمل رجلاً وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين».
وكان يحذر من إفشاء الأسرار إلا فى الحرام «المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس مجلس سفك دم حرام أو فرج حرام أو اقتطاع مال بغير حق». وينهى عن إفشاء أسرار العلاقة الزوجية الحميمة «من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشر سرها»، ويؤكد احترام الشروط فى كل العقود المباحة «المسلمون عند شروطهم»، ويؤكد على أداء الديون «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين». ويوسع فى دائرة الصدقات حتى يقول «وفى بضع أحدكم صدقة»، «ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة»، «وحتى اللقمة تضعها فى فى امرأتك لك بها صدقة». ويحذر من ترك الأولاد للضياع والإهمال أو عدم الإنفاق عليهم ورعايتهم «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول». ويؤكد على إصلاح الباطن مع الظاهر «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».. يا سيدى يا رسول الله لا أدرى ماذا أختار وما أترك من قولك وحكمك، فكل أقوالك تنضح منها الحكمة ويملؤها الضياء ويغمرها الإصلاح، ويظللها الرفق والرحمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة