لقد أصبحت بلادنا العربية كسفينة بلا ربان ماهر يعبر بها عباب البحر وشدائد الرحلة وسط موج غادر ووقت عاصف، حتى أوشكت أن تصبح على حافة الهاوية لتتكسر أحلام الشعوب على جدران اليأس وتغرق وسط أنهار من الدماء سالت وتسيل كل يوم بلا سبب ولا مبرر سوى الهمجية والوحشية التى ملأت قلوب فئات ضالة، فجعلتهم متعطشين للدماء فرحين بالدمار والخراب مهللين للموت والشتات.
هؤلاء القوم قد وضعوا أيديهم فى أيدى الشيطان واتخذوه حليفاً ليصلوا فوق الجثث والركام إلى سراب دولة مزعومة بخيالهم المريض الدموى لا تقوم من وجهة نظرهم سوى على أنقاض بلادنا، لقد أسلمونا للأعداء وجعلوا أرضنا لقمة سائغة فى يد كل طامع حقود يريد أن يغتصب الأرض والعرض ويمرغ كرامة الرجال فى وحل الخزى والعار.
لقد طوق الأعداء بلادنا العربية وأغرقوها بالجهلة والفاسدين والخائنين والطامعين المستعدين أن يرقصوا فوق جثة الوطن ليحصّلوا مالاً ومجداً زائفاً ويجلسوا على كرسى ملطخٍ بالدماء فوق ركام البيوت ووسط أشلاء بنى وطنهم.
لا أدرى أيهم أدعى للحيرة: هؤلاء الذين أنفقوا المليارات وأعدوا الخطط والمؤامرات وسخروا كل طاقاتهم لتدمير وتخريب الوطن العربى وقتل أبنائه واغتيال كل أمل بعيد أو حلم بمكان تحت الشمس بدلا من أن يسخروا كل طاقاتهم تلك لإسعاد البشرية، أم هؤلاء الذين خانوا وقبلوا أن يكونوا أدوات فى يد غيرهم وحطب لإشعال وخراب أوطانهم أو هؤلاء الذين يستسلمون للمكائد بلا مقاومة وبلا محاولة للفكاك من براثنها ولا يصدقون بوجود نيران من حولهم حتى تحترق عليهم بيوتهم فلا يستيقظون ولا يتنبهون إلا وهم يلفظون أنفاسهم.
إلى ما نحن سائرون الآن والوطن العربى يشتعل بلد تلو أخرى فتنهار الجيوش وتتشتت الشعوب وتضيع الأرض شبراً شبراً وتضج الطرقات بالجثث كل يوم، هل سنبقى وحدنا نصارع ونقاتل ونحاول ونحلم أن نجمع الشمل ونوحد المفرق المشتت بينما هناك من لا يأبهون بكل محاولاتنا ومن يسخرون ومن يفسدون كدنا وتعبنا.
إن نطاق المؤامرة يتسع والحلقة تضيق على الرقاب وتضغط بكل عنف لتخنق كل محاولاتنا لا يمكننا أن نمضى على هذا الوضع وإلا أصبحنا نخادع أنفسنا لابد أن يفيق الجميع فى كل أقطار وطننا العربى والإسلامى ويدركوا ذلك الحصار الضاغط والهوة السحيقة التى هم سائرون إليها إن لم يتوحدوا، الأمر ليس مسئولية بلد دون آخر وليس هناك إنسان وحده يمكنه أن ينقذ الجميع فلسنا فى زمن المعجزات.
لابد أن يجتمع الفرقاء والضعفاء المشتتون ويتحاموا ببعضهم البعض ويستوعبوا أن ألمهم واحد وجرحهم واحد وهمهم واحد وعدوهم واحد ومصيرهم مرتبط ببعضهم البعض فلن ينجو أحد وحده ولن يستطيع أحد أن يبقى على توازن إقليمه أو حتى وجود دولته دون مساندة وتكاتف الآخرين مهما كان ضعفهم وشتاتهم فلنتعاون جميعاً حتى لا ينال العدو منا أكثر مما نحن فيه.
بوحدتنا نقوى ونواجه المؤامرة ونعيد غرس سنابل القمح وأشجار الزيتون بوحدتنا نعيد الحياة لأحلام طال انتظارها وأوشكت شمسها على المغيب بعدما أصبحت أقصى طموحاتنا منحصرة فى بقاء الأرض ووجود وطن بلا انقسامات وجثث وخراب، شبكوا الأيادى لنصنع جسرا يعبر عليه أبناؤنا للمستقبل أعيدوا للقلوب الأمل قبل أن يذهب الأمل والوطن بلا رجعة.
الدمار فى سوريا
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة