ومادمنا نحن نتحدث عن الأغلبية والشعبية، فلابد أن نبحث عن الأسباب التى تجعل من شخص ما صاحب شعبية، وما يجعل من شخص آخر فاقدا للشعبية، وهذه عموما تسود فى عالم السياسة، وما علاقة الشعبية بالشهرة، والشهرة بالطبع أصبحت متاحة لكثيرين، منهم الجاد ومنهم «الكاراكتر».
وإذا كنا ندعو من رفضوا المشاركة فى الانتخابات أنهم ساهموا بطريق مباشر أو غير مباشر فى النتيجة التى وصل إليها تشكيل مجلس النواب. ونرى أن بعض من فازوا فى الانتخابات حصلوا على التصويت لأنهم يمتلكون الشهرة، من التلفزيون أو المعارك التى وضعتهم على رؤوس الشهرة، التى تختلف عن الشعبية وعن تكوين النائب. وربما يكون لدى من ينتقدون التشكيلة الجديدة للبرلمان بعض الحق لكونهم يرون نوابا يفضلون لعب دور «الكاراكتر» ويفضلون البقاء فى حالة مثيرة للجدل بفضل تصريحات عجيبة أو مواقف يبتكرونها وتوفر لهم البقاء فى الأحداث. وهو أمر إن كان يليق بالشهرة التلفزيونية لن يكون مناسبًا لمجلس نواب يفترض أنه يحمل مسؤولية التشريع والرقابة فى مرحلة دقيقة وصعبة. والفكرة ليست فى التأييد أو المعارضة، وإنما فى إدراك المسؤولية التى تقع على عاتق البرلمان.
ومن هنا تختلف الشهرة عن الشعبية، أو المسؤولية، فالشهرة يمكن أن توفر أصواتا انتخابية لكنها لا توفر الاحترام، فالاحترام يقوم بالممارسة ومدى قدرة النائب على أن يكون ممثلا للشعب وليس ممثلا عليه. وهناك حديث يدور من مدة حول من يمكنه رئاسة مجلس النواب، وإمكانية أن يكون قادرا على ضبط الأداء، وتوفير مناخ مناسب للمناقشات والتشريع. وأن يكون لدى المجلس كفاءات قادرة على مناقشة التشريعات وممارسة الرقابة، وتقليل المكاسب الشخصية، وإنهاء دور النائب الذى يسرح طوال الوقت وراء الوزراء بحثا عن توقيعات لخدمات فردية لأهالى الدائرة انتظارا لتصويت قادم، لأن هذا النوع من النواب يمكن أن يطيح بفكرة وأهمية مجلس النواب ومهامه، بل ربما هناك حاجة لتقليص وتقنين صلاحيات النائب وحصرها فى مهام برلمانية، وإلغاء الامتيازات التى تحول النائب إلى نائب سريح بطلبات لا يعرف شيئا عن دور تشريعى أو رقابى.
أيضا يفترض أن تكون الحصانة البرلمانية من أجل حماية النائب وأدواته الرقابة من السلطة التنفيذية، ضمن مبدأ الفصل بين السلطات. وكان هناك من يدعو إلى تقليص الحصانة وحصرها فى الدور التشريعى والرقابى، مع توفير إمكانات معقولة مناسبة ليؤدى النائب دوره.
ربما يكون عدد من النواب مدركين لهذه المهام، لكن من الواضح أن بعض من فازوا بتصويت بناء على الشهرة، أصابتهم لعنة الكاراكتر التلفزيونى ويصر بعضهم على الاستمرار فى تصريحات خارج العقل، أو امتهان لصورة النائب والبرلمان الذى يفترض أن النائب يمثله.
وبعض هؤلاء يمنحون الفرصة لتصوير البرلمان أنه مكان للتوك شو وليس للتشريع والرقابة، ولا أحد يمكنه معرفة مستقبل البرلمان فى ظل زيادة هذه النوعية التى لا تفرق بين الشهرة والشعبية، أو بين نائب البرلمان ومقدم التوك شو الساخر. وقد دفع المصريون كثيرا ليحصلوا على مجلس نواب يمثلهم، ويشارك فى حمل مسؤولية دستورية وقانونية، ولا ينتظروا أن تنتقل أمراض الشهرة والاستعراض إلى البرلمان.