ربما تكره توفيق عكاشة، أو تحمل له قدرا من الحب، أو تسخف وتسفه من أفكاره وطرحه على شاشة قناته الفضائية، أو تضحك من أعماق قلبك عندما يتحدث بلسان حال الفلاحين فى الغيطان، لكن «خلى بالك»، وسط هذه الحالة، لا يفوتك حقيقة مؤكدة أن الرجل يتمتع بشعبية كبيرة فى قرى ونجوع محافظات مصر المختلفة، ترجمتها الانتخابات البرلمانية، عندما حصل على أعلى الأصوات من بين جميع المرشحين على مستوى الجمهورية.
هذا الفوز يحمل رسائل عديدة ومهمة، وإذا كنت من بين قائمة المسفهين والمسخفين والرافضين للواقع، فندعوك وبكل أريحية أن تظل على موقفك، أنت حر، لكن فى الوقت نفسه لا تحاول أن تخرج علينا لتهيل التراب على الدولة والنظام، وتوظف فوز توفيق عكاشة ورفاقه، على أن الدولة «عايزة كدة»، وبلاش تغلبنا معاك، لأن حضرتك ترفض المشاركة سواء بالترشح لخوض الانتخابات، أو بمنح صوتك لمرشح ترى فيه أنه يماثل أفكارك، أو حتى تتعامل كخبير استراتيجى لدعم مرشح بعينه، وتتفرغ فقط للنضال من خلف الكيبورد وعبر مواقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك وتويتر»، وتتحدث باسم الشعب، وتروج للأكاذيب والشائعات.
أرجوك أيها الناشط، ويا أيها الخبير الاستراتيجى المعجزة، ويا أيها النخبوى المتأفف، ويا أيها الحزبى المناضل من خلف غرف مقرات حزبك، ويا أيها المتثور اللاإرادى، ويا أيها الحقوقى الباحث فقط عن مصادر التمويل من خلال التقارير المحرضة التى تقدمها للغرب وأمريكا ضد بلادك، أرجوكم جميعا، ولو لمرة واحدة، اهبطوا من عليائكم، واتركوا النضال خلف الكيبورد واذهبوا إلى دوائر توفيق عكاشة ومرتضى منصور وعبدالرحيم على وعلى مصيلحى، وغيرهم من الذين تسفهون من فوزهم، واستمعوا للأهالى، واسألوهم لماذا اخترتم هؤلاء، واجروا دراسة حالة على الأرض، لتحددوا النتائج ومن ثم رسم مسارات العمل السياسى الحقيقية.
أرجوكم اسألوا أنفسكم كيف حقق توفيق عكاشة رقما قياسيا وفاز بـ 94 ألفا و354 صوتا، وهو أعلى نائب حصل على هذا العدد من الأصوات على مستوى الجمهورية، وأيضا فوز مرتضى منصور بـ82 ألفا و422 صوتا، رغم أنهما تعرضا لحملة تشويه شرسة من نشطاء الفيس بوك وتويتر، ومقاطعة كل وسائل الإعلام لهما، خاصة مرتضى منصور الذى قاطعه كل الإعلام، بجانب أن الاثنين لم يدفعا مليما واحدا لشراء صوت واحد.
إذن الأمر يحتاج لوقفة تأملية، وتقييم منطقى مجرد من الهوى عن حقيقة وضع التيارات السياسية المختلفة، وقياداتها وكوادرها فى الشارع، وأيضا وضع مواقع التواصل الاجتماعى وتأثيراته دون تهويل وتصدير مبالغات وأوهام عن قوته الخارقة وتأثيراته العملاقة، وهى مبالغات تشبه بالضبط الأساطير عن قوة الكائن الخرافى «الغول».
النخب والنشطاء وأدعياء الثورية يتحدثون باسم الشعب، ويقيسون شعبيتهم بحجم «المتابعة» والشير والريتويت والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعى، رغم التأكيد مرارا وتكرارا أن هذا الوهم الفضائى لم يؤثر سلبا أو إيجابا فى أى استحقاق انتخابى منذ الاستفتاء على أول إعلان دستورى فى 19 مارس 2011 وحتى الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
النشطاء وأدعياء الثورية والمعارضة التى ابتليت بها مصر، فقدوا تعاطف المصريين، وأصبحوا لا يؤثرون فى بضع من الأشخاص فى محيطهم، ودائما يحملون جرابا مليئا بالأعذار المعتادة عن فشلهم من عينة المناخ السياسى سيئ، والأجواء حبلى بالتضييق على تحركاتهم، وأن الدولة أسهمت فى نمو ورعرعة وتضخم ظاهرة عكاشة، وقانون التظاهر غير دستورى، وعندما تسألهم ما علاقة قانون التظاهر بالانتخابات، لا تجد جملة مفيدة واحدة.
وفى النهاية.. اضحك.. هزر.. احزن.. الطم.. لكن لا تنسَ أن توفيق عكاشة اكتسح الانتخابات وحصل على أعلى الأصوات على مستوى الجمهورية، ومرتضى منصور حل فى المركز الثانى، رغم ما تعرضا له من تشويه بالغ على مواقع التواصل الاجتماعى، وعزوف الإعلام عن متابعة أخبارهما وفاعلياتهما الانتخابية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة