لم يجد أصحاب الإيجارات القديمة من الملاك طريقًا ووسيلة إلا واستعانوا بها، أو مسؤولا إلا واشتكوا له لتحقيق مطلبهم بإعادة النظر فى القانون، وتحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، مثلما حدث فى الأراضى الزراعية.
القضية شائكة ومعقدة والحكومات السابقة منذ أكثر من ثلاثين عاما لم تتمكن من إيجاد حل لها لأنها تتعلق بأطراف كثيرة، وكل طرف يدافع عما يراه حقًا يطالب به.
والقانون الذى حدد العلاقة بين المالك والمستأجر للمساكن صدر فى بداية الستينيات ضمن حزمة القرارات والقوانين الاشتراكية لصالح الفقراء والطبقة الوسطى، وكان لها ضرورة اجتماعية وسياسية واقتصادية فى ذلك الوقت، فى إطار مبدأ العدالة الاجتماعية التى التزمت بها ثورة يوليو والزعيم الراحل جمال عبدالناصر. وبالتالى كانت لهذه القرارات ظروفها وسياقها الاجتماعى فى تلك الفترة.
ومع مرور الوقت وحدوث تغييرات اجتماعية واقتصادية كثيرة فى مصر كان لابد وبكل جرأة إعادة النظر فيه وتغييره، وإعداد قانون جديد يراعى المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية فى المجتمع المصرى، ويراعى أيضا حقوق الطرفين بما يحقق العدالة للجميع.
أصحاب العقارات طالبوا مرارا بتعديل القانون القديم وتحرير العلاقة، ويبررون ذلك بأن أكثر من %90 من المستأجرين الآن غير محتاجين للشقق وقاموا بإغلاقها دون أن يستفيد منها أحد، بل تضرر منها الملاك، وأضاع على الدولة وجود أكثر من 2 مليون شقة مغلقة غير مستغلة ومعطلة -إحصائيات وزارة الإسكان، تقدر عدد الوحدات السكنية الخالية فى مصر 5.2 مليون وحدة سكنية- ويمكن فى حالة تحرير العلاقة الإيجارية توفر للدولة مليارات الجنيهات، سواء من ناحية توفير هذا العدد من الشقق، أو سواء من ناحية توفير لخزينة الدولة أكثر من 150 مليار جنيه حصيلة الضرائب العقارية المتوقعة فى حالة تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر.
الحل المطلوب إذن من الحكومة أو البرلمان المقبل هو مراعاة حقوق هؤلاء الملاك وعدم التعسف بالمستأجرين فى الوقت ذاته، فلم يعد معقولا ولا مقبولا أن تبقى هناك إيجارات للشقق لا تتجاوز ما بين 8 إلى 10 جنيهات شهريا حتى الآن وأحيانا 4 جنيهات، وهو ما يعنى أن ملاك هذه العقارات والتى تخضع لقانون العقارات القديمة، تحولوا من مستثمرين يحصلون على عائد استثمارى إلى أصحاب مبانى «وقف»: القضية تهم ما يقرب من 10 ملايين مواطن، ما بين مالك ووريث للعقارات القديمة وليس هناك علاقات أبدية فى العلاقات التجارية وفى العقود.
حسب المعلومات المتاحة من وزارة الإسكان فهناك قانون متوقع إقراره خلال الشهور القليلة المقبلة، لتحرير العلاقة الإيجارية تدريجيا، مع القيام بالتحرير الفورى لمن يثبت تملكه لوحدة أخرى وللوحدات المستغلة كمكاتب وعيادات ومحلات تجارية: وللإنصاف فإن أصحاب العقارات اقترحوا حلولا للقضية لخصوها فى الآتى: أولا المبانى التى تم بناؤها قبل عام 1960، ويبلغ إيجار السكن 6 جنيهات فأقل يصبح 100 جنيه، ويزيد إيجار الوحدة التى ثمنها 10 جنيهات إلى 150 جنيها، وتتم الزيادة سنويا %3 من قيمة الإيجار الأصلى مثلما حدث مع المحلات التجارية فى السنوات الماضية.
ثانيا، عدم توريث الشقق المؤجرة من الآباء إلى الأبناء ثم الأحفاد، بالتأكيد لا أحد يرضى بأن يقع ظلم على فئة اجتماعية عددها ليس بالقليل، وأيضا لا يأتى إنصافها على حساب حقوق اجتماعية مكتسبة لفئات أخرى، المهم هو إعادة التوازن والحقوق المسلوبة إلى أصحابها، وهم بالفعل يستحقون أن تراعى الدولة والحكومة ظروفهم، وتعيد النظر فى هذه القضية ووضع حد لهذه المأساة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة