إذا كنا نعتبر سيناء أمنا قوميا فإن منطقة حلايب وشلاتين هى أيضا أمن قومى، وأن الاقتراب منها خط أحمر حتى لو الطرف الذى اعتدى علينا عربى مسلم، لأنه لا تهاون مع أى عدوان يحاول أن يسلب حقوقنا فى هذه المناطق المصرية %100، وللتدليل على ذلك أن أحد أهم الأسباب وراء إعلان إسقاط الرئيس الإخوانى محمد مرسى الذى وعد البشير بحل قضية حلايب وشلاتين باعتبارها سودانية، وهو ما جعل الجيش يتحرك مع الشعب لإسقاط هذا العميل الذى كان ينوى التفريط ليس فى حلايب وشلاتين، بل وفى سيناء، عندما أعطى وعدا للحماس بإقامة دولة فلسطينية فى غزة وسيناء. إذن الحديث عن أى حلول لإخراج حلايب وشلاتين من خريطة مصر فإن مصير المتحدث هو السقوط، لأن حلايب وشلاتين مصرية الدم والهواء، ولا تفريط فيها.
والحقيقة أن الرئيس السودانى يغالط فى قضية حلايب وشلاتين، ليس بادعائه أنها أراضٍ سودانية، بل بأنه تقدم بشكوى مجلس الأمن بسبب مزاعمه بأن مثلث «حلايب» المصرى الذى جرت فيه انتخابات البرلمان، هو جزء من الأراضى السودانية، زاعما أن حلايب كانت طوال الحكم الثنائى جزء من السودان، وأن هناك بعض الأطراف تحاول أن تصعد الأمور بين البلدين، ولا نعرف من الذى يصعد؟ ولماذا هذه التصريحات الآن؟ وهل هناك تقسيم أدوار بينه وبين إثيوبيا، خاصة أن هناك رفضا رسميا وشعبيا لمشروع سد النهضة، وأن استمرار أديس أبابا فى هذا المشروع يعنى كارثة قومية؟! وإذا أضفنا إلى كارثة السد محاولات البشير فتح ملف انتهى منذ سنوات، ولم يعد أحد يستطيع أن يجبر مصر على التنازل عن أرض لها، لا مجلس الأمن ولا المحكمة الجنائية الدولية، لأن التفريط فى حبة رمل من حلايب وشلاتين يعنى إعلان نهاية أى رئيس مصر كما حدث مع الرئيس المعزول محمد مرسى.
نعم، البشير يحاول أن يفتح موضوعا تم إغلاقه منذ سنوات، بالإضافة إلى أن حقوقنا القانونية لهذه المناطق لا جدال فيها، وهو ما أكده الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى للزميل محمد إسماعيل بأن مصر لديها مجموعة من الدفوع للرد على السودان، وأبرزها أن التعديلات الإدارية التى جرت على الحدود المشتركة بينها وبين السودان تمت من الناحية الرسمية لأغراض إنسانية، وهى التيسير للقبائل التى تعيش على جانبى خط الحدود، وهى لا تزيد عن كونها مجرد قرارات إدارية عادية صدرت استجابة لرغبات المسؤولين المحليين فى المناطق المتنازع عليها، واقتصر أثرها على هذا الدور فقط.
وأوضح سلامة أنه إذا كان الأصل أن تتطابق الحدود الإدارية للدولة مع حدودها السياسية إلا أنه فى بعض الحالات يمكن أن يكون هناك اختلاف بينهما، مشيرا إلى أن الحدود الإدارية لا شأن لها على وجه الإطلاق، بتحديد نطاق السيادة أو الاختصاص الإقليمى للدول، فضلا عن أن وجودها من عدمه لا أثر له بالنسبة لمركز الدولة القانونى فيما يتعلق بحقوقها إزاء الإقليم أو المنطقة المعنية، فلا يعتد بموقع مثل هذه الحدود الإدارية، حال وجودها، من خط الحدود السياسة، سواء أكانت تتطابق مع الحد السياسى الدولى أم كان الأخير يختلف عنها ضيقا واتساعا.
هذا هو الرد القانونى على محاولات البشير التى لن تنتهى، لأن هذا الرئيس يسعى إلى تصدير المشاكل الداخلية للخارج، والدليل أنه كلما ارتفعت وتيرة الغضب السودانى من حكم البشير يحرج علينا هذا الرئيس بوصلة هجوم على مصر، وعلينا من الآن الرد بقوة على تجاوزات الرئيس السودانى، فهل تصحو «الخارجية» من نومها للرد على تجاوزات الرئيس السودانى؟