ماذا حدث للمصريات؟ سؤال لابد أن يبحث له علماء النفس وعلماء الاجتماع عن إجابات شافية بعد تكرار حوادث قتل الزوجات للأزواج، ولا أحد يقول بأن حوادث القتل «الحريمى» فردية أو خاصة بمنطقة جغرافية تتسم بالعنف خلافا عن بقية المحافظات، فخلال أقل من شهر وقعت خمس جرائم قتل للأزواج بين القاهرة وسوهاج وكفر الشيخ والدقهلية والبحيرة.
أسباب حوادث قتل الزوجات للأزواج متنوعة تبدأ «بأنه مبيعرفش» وتنتهى باستحالة العشرة لسوء المعاملة وبينهما كثير من أشكال وألوان الخلافات المتدرجة من التافهة إلى العميقة، والتى لا يحلها الأقارب والأصدقاء، وتعنى باختصار انتهاء المودة والرحمة بين الطرفين، وبدلا من المفارقة بالمعروف والتسريح بإحسان يحدث القتل، ومن الذى يرتكبه؟ المرأة المسكينة مكسورة الجناح!
المستوى المادى والاجتماعى ليس عاملا مشتركا فى حوادث قتل الأزواج، فالظاهر من الحوادث الأخيرة تفاوت المستوى الاجتماعى والتعليمى والمادى للزوجات القاتلات، كما تباينت أدوات القتل وطريقة التخلص من الزوج الضحية، من حفر قبر له تحت السرير بعد قتله بالسكين وهو نائم، مثلما حدث مع مهندسة إمبابة، إلى وضع سم الفيران له فى العصير ثم اللطم والبكاء عليه والمشى فى جنازته، كما حدث مع سيدة الدقهلية التى كشفها شك أقارب الزوج فيها وإبلاغهم الشرطة.
قاتلة كفر الشيخ التى ملت العيش فى جلباب زوجها الميسور الحال، استعانت بالصديق العاشق وخططا ونفذا جريمة القتل كما تقول الأفلام الأمريكية، فتحت العاشقة الغلبانة للعاشق الباب ودخل ليغافل الزوج بضربات بآلة حادة على الرأس حتى قتله، وبعد أن استراح وأراح طبعا وشرب العصير الخالى من سم الفئران وانتظر حلول الليل، حمل الزوج ورماه فى سيارته المركونة جوار المنزل ومضى هو إلى سبيله حتى تهدأ الأمور ليعاود الاتصال بالزوجة العاشقة، لكنه وقع معها فى شر أعمالهما.
أما قاتلة البلينا بسوهاج، فقد ذاقت الحرام أربع سنوات، عندما كان الزوج المغفل مسافرا يكدح فى الكويت وعندما جاء وضيق عليها الأحوال، ولم تعد تجد فرصة لمقابلة العشيق، خططت بالبلدى مع عشيقها للقضاء على الزوج، وبالفعل وضعت له الحبوب المخدرة فى العصير، ثم خنقه العشيق حتى فارق الحياة وحملاه ووضعاه على المصطبة خارج البيت ووضعا جواره زجاجات خمر فارغة للإيهام بأن الخمر السبب فى وفاته لأنه يعانى من فشل كلوى، لكن الإخراج السيئ للحادثة أوقع بهما سريعا.
قاتلة البحيرة هى الأجدر بالفوز بجائزة جماعة قتل الأزواج، لأنها تصلح زعيمة عصابة، وعينها الكحيلة تندب فيها رصاصة كما يقول أبناء البلد، الزوجة أمرت عشيقها وصاحبه أن ينتظراها على الطريق المؤدى لقريتها، وهناك مرت مع الزوج لتسلمه إلى العشيق وصاحبه وتقف تتفرج عليهما وهما يضربان ويطعنان زوجها حتى يموت أمام عينيها ثم يحملانه ليلقياه فى الترعة، وفى اليوم التالى تقدم بلاغا للشرطة باختفاء زوجها وتطالب بسرعة كشف سبب اختفائه.
مجتمعنا يتغير وبسرعة، ومجموعة القيم والعادات التى تحفظ تماسكه واستقراره يحدث لها انحرافات، والموضوع مرتبط بالاستخدام السياسى للدين وانتشار حالة من عدم التصديق لمن يتحدثون باسم الدين بعدما رأينا منهم العجائب، ولأن مجموعة قيمنا الأساسية مرتبطة باستقرار المفهوم الوسطى والمعتدل للأديان فى المجتمع، نحتاج إلى تدخل سريع حتى يستعيد المصريون استقرارهم النفسى ويدركون من جديد الحلال والحرام وما يصح وما لا يصح، وحتى تعود المعاملات بين الناس إلى الأصول.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة