كامل الشناوى.. اسم عادى لشخص غير عادى.. كاتب وفنان ومثقف وفليسوف، عاش حياته محبا للجمال والخير والحب، شاعر عذبه العشق فكتب :"الحب أن تتعذب بمن تحب أو يعذبك من تحب".. أوجعه الواقع فقال :""علمونى كيف الغباء لأحيا".. أحب الدنيا فابتهل إلى الله :"يارب لست حسن الظن بنفسى حتى أتمنى جنتك الخالدة، فأنا قانع بدنياك هذه الفانية.. أريد أن أعيش فى الدنيا التى أبدعتها سبحانك لأتفاعل معها وأتغنى بها فأمنحنى الصحة لكى أستطيع دائما أن أتفاعل وأن أغنى".
كامل الشناوى العاشق الأشهر لم يتخل عنه القلق طوال حياته :"إذا تخلى القلق عن فكرى وقلبى فلقد تخلت عنى الحياة.. إن الموتى وحدهم هم الذين لا يقلقون".. هكذا كان وهكذا عاش الأستاذ كامل الشناوى الحياة رغم قسوتها.
الحب كان ولا يزال عنوان كامل الشناوى.. الصب الذى فضحته كتابته وأشعاره.. يعاتب حبيبته بخطاب :"حبيبتى اغفرى لى حبى ووفائى، واصفحى عن قلبى المسكين، فقد أحب بلا قصد ولا عمد ولا سبق إصرار، وانسى كل التفاهات الكثيرة المتعددة التى طالما خدشت بها أذنيك معبرا عن ألمى وغيرتى.. فما كان لى أن أتألم ولا أن أغار"، ويزجرها فى آخر :"تعففى أرجوك.. فأنا لا أحتمل فكرة أنى عشقت المرأة الخطأ"، ثم يعلن تطهره من الحب :"كونى كما تبغين لكن لن تكونى.. فأنا صنعتك من هواى ومن جنونى.. ولقد برئت من الهوى ومن الجنون".
آمن الأستاذ بالحب وبحظه القليل فيه :"من يدرى لعل ربى رحمنى إذ أراد لى هذا المصير، ولكنى أطمع فى رحمة الله وفى عدالته معا، أليس من العدالة وقد أقصانى عنها، أن يقصيها عنى.. إنها فى مكانها النائى البعيد ورغم ذلك فهى معى، أغمض عينى فأراها أصم أذنى فأسمعها وأشعر بها تجرى وتنطلق وتعدو فى رأسى كما لو كان رأسى شارعا خاليا من الناس ومن إشارات المرور، لا تطاردينى هكذا.. إننى لا أراكِ ولا ألتقى بكِ، فلماذا ترغميننى على أن أعيش معكِ دائمًا بالخيال والذكرى؟".
كامل الشناوى حالة لن تتكرر فى الشعر والموسيقى والغناء، قصائده سيناريوهات غرامية يرسم من خلالها قصة حب ربما اكتملت وربما باءت بالفشل، كرائعته "لا تكذبى" وقصيدة "حبيبها" و"لست قلبى" و"لا وعينيك"، ربما يكون رصد فى تلك القصائد حالته النفسية وانفعالاته العاطفية ودموعه التى تساقطت منه فى نهر الحب، ومن ينسى رائعته فى يوم مولدى :"أنا عمر بلا شباب وحياة بلا ربيع.. اشترى الحب بالعذاب أشتريه فمن يبيع".
اليوم الاثنين ذكرى ميلاد الأستاذ كامل الشناوى الـ 107 ، هنا نتذكر ما كتبه عنه الساخر الراحل محمود السعدنى :"كان فريدًا بين الرجال، ولقد صادقته وأحببته وتعلمت منه الكثير، لقد علمنى أن أكره أعدائى على طول الخط، وأن أحب أصدقائى على طول الخط، وأن أحب بلا قيد أو شرط، وأن أكون القائد الحاسم إذا هاجمت دمرت هدفى تماما، وإذا انسحبت مضيت لا ألوى على شىء، علمنى أن عدوى يظل عدوا حتى ألقاه، فإذا التقينا ذاب الثلج وتبدد الضباب، وعلمنى أن احتقر الشئ الوسط وأن أعشق الأذكياء والأغبياء معًا، وأن أكره الذين يتمتعون بنصف غباوة والذين يمتازون بنصف ذكاء".. وكما تعلم السعدنى منه، تعلمت أنا.. وربما ما تعلمته منه أكثر مما تعلمه السعدنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة