الموقع غير الموقع، والتاريخ غير التاريخ، والجغرافيا غير الجغرافيا، والجمهور غير الجمهور، لكن برغم كل هذا يقف الواحد متحيرًا أمام التشابه بين أردوغان تركيا وإخوان مصر، تدفعك الحيرة إلى أن تتمنى أن يبعث الراحل «رياض القصبجى» من مرقده ليقول مقولته الشهيرة: «هو بعينه بغباوته بشكله العكر».
تشاهد الرئيس التركى وهو يتحدث فتشعر بأنه «كوكتيل مرسى القذافى/ القذافى مرسى» تستحضر مقولاته وخطاباته المتعددة صورًا لأكثر رؤساء العالم كوميدية، مرة تنتابه روح القذافى وهو يتوعد «زنجة زنجة.. بيت بيت» ومرة يتقمص دور مرسى «الخمسة ستة سبعة تلاتة أربعة اللى فى الحارة المزنوقة» وما بين هذا وذلك ترى النيران تجتاح العالم وتتأجج، وتدرك أن هذا الأردوغان يا إما «متآمر» أو «أهبل» أو كلاهما.
آخر نكات أردوغان التى ما إن سمعتها حتى قتلتنى ضحكا ودهشة وهى ادعاؤه بأن «روسيا» التى تحارب داعش فى عقر دارها ببعض محافظات سوريا، وتخوض معاركها يوميا فى البر والجو مع أعضاء التنظيم، روسيا التى استهدفت تركيا إحدى طياراتها التى كانت تراقب قوافل النفط المهربة من سوريا إلى تركيا، روسيا التى خسرت الكثير من جنودها فى تلك الحرب المستعرة، روسيا التى يحاول أعضاء داعش حول العالم استهداف مواطنيها المدنيين من أجل الانتقام من رئيسها، روسيا هذه كما يقول أردوغان فى الخبر المنشور فى موقع الـ(BBC) هى التى تشترى ناقلات النفط من «داعش» وكأنها تدعم التنظيم الذى تحاربه وتقدم له الأسلحة التى يقتل بها مواطنوها وتمنحه قبلة الحياة ليقضى على وجود رجالها فى الشرق الأوسط.
نعرف جميعا أن الضغط يولد الانفجار، وأن العالم كله يضغط على أردوغان ليوقف تعاونه العسكرى واللوجستى لتنظيم داعش فى سوريا، لكن هذه أول مرة نرى فيها ضغطا يولد «انفجارا» فى الضحك، علمنا الأستاذ «ملوانى» فى مسرحية «مدرسة المشاغبين» درسا مفاده «كل ما تتزنق اقلع» لكن أردوغان فى مواقفه الأخيرة يعلمنا درسا آخر هو «كل ما تتزنق اكذب» وليت مخرجى مصر ينتبهون إلى تلك الموهبة الضالة فى التمثيل ويعيدوا اكتشاف أردوغان كممثل كوميدى.
ليس لك أن تتعجب هنا مما يدعيه أردوغان فإذا عرف السبب بطل العجب، والسبب الوحيد فى هذه المغالطة المدهشة هو أن أردوغان «كإخوانى» معتاد على قلب الحقائق وتزييف الحاضر والماضى والمستقبل، والأكثر من هذا هو أنه يكذب ويصدق أكاذيبه، وفجأة يجد نفسه محاطا بآلاف الأكاذيب فيغرق فى الذهان والجنون، تماما مثل تلك الشخصيات الإخوانية الكاريكاتيرية التى تعتقد أن «مرسى راجع» وأن «الانقلاب يترنح» وأن «يوم 25 الإخوان راجعين» وكما كان «محمد سعد» فى فيلم «عوكل» يقول «إيه اللى جاب القلعة جنب البحر» لك أن تقول «إيه اللى جاب أردوغان لعزة الجرف»؟