كتب «محمد حسنين هيكل» ذات يوم: «الاتحاد السوفيتى أصبح أول دولة أوروبية ترسل قوات إلى دولة أفريقية ليس لاستعمارها أو الاستقرار فيها، كما كانت دول أوروبا تفعل حتى وقت قريب، بل لمساعدة بلد فى حربه ضد الإمبريالية والاستعمار»، قرأت هذه العبارة «الهيكلية» منذ سنوات، ولم أكن أدرك سبب حبى للشعب الروسى إلا عندما تذكرت فجأة هذه العبارة، ووجدت نفسى مدفوعا لمحاولة إشراك الآخرين معى فى مراجعة علاقة روسيا بالشعب المصرى، وجدت ضالتى فى مراجعة العلاقات المصرية الروسية، حتى أيام الاتحاد السوفييتى، عند «المجموعة 73 مؤرخين»، وهى مؤسسة ثقافية للتأريخ والأبحاث التاريخية «كما كتبوا عن أنفسهم» نشأت عام 2008، وهى عبارة عن شريحة بسيطة من شباب مصر المدنى المتعلم المتحمس لوطنه وتاريخه، تجمعوا لخدمة مصر ولتأريخ البطولات المصرية فى حروبها ونشر الانتماء والولاء للوطن ومحاربة عمليات تشويه البطولات المصرية وطمس وتزييف الحقائق فقد جمعتنا الظروف والمقادير معا تحت مظلة أبينا الروحى اللواء طيار محمد عكاشة»، وسوف أعتمد فى كل ما أورده هنا عن العلاقات المصرية الروسية على نقل الوقائع التى ساقتها لنا «المجموعة 73 مؤرخين»، وإن كنت سوف أعتمد فى البداية على النقل من مقال عن المستشارين العسكريين السوفييت فى مصر كتبه الكاتب البريطانى «ديفيد نيكول»، والكاتب البريطانى «ديفيد نيكول» كان قد شغل منصب مدير مشروع المدارس فى مؤسسة الشباب منذ أواخر عام 2006، وأدار منظمات تطوعية كبيرة تنشط فى أسكتلندا وشمال شرق إنجلترا، وقد عمل لصالح مجموعة كبيرة من المؤسسات بما فيها الـ«آى بى إم»، وسلاح الجو الملكى، وفى نقابة عمالية، وأحد البنوك، وهو حاصل على إجازة جامعية فى التاريخ الاقتصادى، حيث كتب: جاءت إلى مصر عام 1967 مجموعة متخصصة من العسكريين من القوات المسلحة السوفييتية بعد دعوة الحكومة والرئيس المصرى «جمال عبد الناصر»، لتوفير الدعم العسكرى والهندسى للقوات المسلحة المصرية، وخاصة فى مواجهتها المسلحة مع إسرائيل، مع أن خدمة المستشارين العسكريين السويت فى مصر قد بدأت منذ منتصف الخمسينيات، طلبت الحكومة المصرية من الاتحاد السوفيتى المساعدة العسكرية المباشرة، وتم إرسال وحدات نظامية وتشكيلات من الجيش والبحرية السوفيتية، وتأسيس وحدة استشارات عسكرية داخل القوات المسلحة المصرية.
فى يوم 5 يونيو 1967 شنت إسرائيل عدوانا على العرب، وتمكنت من إحراز نصر عسكرى خاطف على الجيش المصرى، وتدمير سلاحه الجوى على الأرض، واحتلال شبه جزيرة سيناء، كانت الحرب كارثة على العرب، حيث خسروا مئات الطائرات الحربية والدبابات فى خلال عدة أيام، ونتيجة لهذا العدوان قرر الاتحاد السوفيتى قطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، ووجه تحذيرا إلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بضرورة وقف العمليات الحربية ضد العرب فوراً، وإلا وجد الاتحاد السوفيتى نفسه مضطرا للتدخل العسكرى لوقف العدوان، وتدعيما لتهديدات وزير الخارجية السوفيتى، تم إرسال عدة قطع بحرية سوفيتية من البحر الأسود إلى البحر المتوسط، محملة بأسلحة نووية، بالإضافة إلى سرب قاذفات إستراتيجية تو-16 وإنزال قوات خاصة فى ميناء بورسعيد، استجابت إسرائيل للتهديدات السوفيتية وقررت قبول وقف إطلاق النار يوم 10 يونيو 1967، بعد أن تقدمت قواتها حتى الضفة الشرقية لقناة السويس، بعد كارثة النكسة كان الطيارون المصريون أكثر جدية فى التدريبات الفنية مقارنة بالفترة السابقة، ومثال ذلك اللواء طيار «قدرى عبد الحميد» والذى كان من أوائل من طاروا بالميج 21 يقول: «السويت أعطونا تدريبا، لكن ليس التكتيكات الحقيقية، أعطونا تدريباً لكى نطير ونعترض طائرات العدو بضعف سرعة الصوت على الارتفاع الشاهق، وأعطونا تدريبا على الطيران الليلى، لكن أيا من ذلك لم يحدث خلال حرب يونيو 1967، وكان القتال كله على مستوى منخفض، فأنت تتدرب على شىء ويقوم العدو بشىء آخر»، لكن الأمر تطور بعد ذلك كثيرا، وسوف نرى ذلك لاحقا.