لست مع سامح سيف اليزل فى مشاوراته لتأسيس «تحالف دعم الدولة»، فالدولة لا تحتاج إلى تحالف يدعمها، لأن الجميع يدعم الدولة ويؤيدها، ومجلس النواب بجميع أعضائه أحد سلطات الدولة الثلاث، بجانب السلطتين التنفيذية والقضائية، وبالتالى فليس متصورا أن من لا ينضم للتحالف لا يكون داعما للدولة، فلا يفعل ذلك–والعياذ بالله- إلا الخونة والجواسيس والمتآمرين، الذين يسعون إلى إسقاط الدولة، ويعملون لحساب أجندات تآمرية، وليس فى مجلس النواب أحد هؤلاء.
مثلا: هل يعنى عدم انضمام شخصيات وطنية مثل مرتضى منصور، وتوفيق عكاشة، وعبدالرحيم على، وغيرهم إلى التحالف، أنهم ضد الدولة أو لا يدافعون عنها، وهل ينقسم المجلس إلى فريقين، أحدهما داعم، والآخر خارج الدعم؟ وهل تتجه أصابع الاتهام إلى من هم خارج التحالف، مع أنهم وطنيون مخلصون ولهم مواقف بطولية مشرفة؟ وإذا تم التصويت- جدلا- على من يدعم الدولة ومن لا يدعمها، ماذا نتوقع أن تكون نتيجته؟
لا أريد أن يفهم خطأً أنه «تحالف الرئيس»، لأنه رئيس للدولة المصرية كلها، بالمؤيدين والمعارضين، وبمن هم فى التحالف من خارجه، وهو الحكم بين السلطات ويفصل بينها، ويستمد شرعيته من عشرات الملايين الذين انتخبوه، ويمنع تغول سلطة على أخرى، وهو رمز الدولة ويمثلها فى الداخل والخارج، وليس له تحالف برلمانى يتحدث باسمه، ويقف على مسافة مساوية من الجميع، ورفض أن يكون رئيسا لأى حزب، لأن الظروف المصيرية التى تمر بها البلاد، فرضت ضرورة ابتعاد الرئيس عن رئاسة حزب بعينه، لإدارة الدولة بمفهومها الشامل وليس الحزبى، من أجل الاصطفاف ولم الشمل ورأب الصدع.
التسمية الصحيحة التى يجب أن يعمل تحت مظلتها «سيف اليزل» هى «تحالف الأغلبية»، وبمعنى أدق، فالذى يحتاج الدعم هو الحكومة، وحتى لا تتوه الحقائق على أرض الواقع، فالبرلمان له سلطة التشريع والرقابة، وهو لا يشرع للدولة ويراقبها، والنواب لا يقدمون استجوابات وأسئلة وطلبات إحاطة للدولة، بل للحكومة والوزراء، ولا يطرحون الثقة بالدولة بل بالحكومة، الحكومات زائلة وتذهب وتجىء، أما الدولة فباقية، وعندما أراد الإخوان تفكيكها والسطو عليها، خرج المصريون بالملايين لاستردادها والدفاع والحفاظ عليها.
الحكومة هى التى تحتاج الدعم، فليس لها حزب يدافع عنها ويوافق على برنامجها ومشروعات القوانين التى تتقدم بها، ومن الضرورى ضبط المعانى والمفاهيم، حتى لا يجد من يعارض الحكومة نفسه فى خندق «ضد الدولة»، ومن الطبيعى أن يكون للحكومة–وليس الدولة–أغلبية تنسق معها فى البرامج والسياسات، وأن يكون لها كوادر برلمانية تؤيدها فى مواجهة من يعارضها، دون أن يفهم من ذلك أن تحالف دعم الدولة هو الممثل الشرعى لرئيس الدولة، ويعطى الضوء الأخضر أو الأحمر.
الدولة ليست النظام وليست الحكومة، والدعوة إلى ائتلاف يضم فقط من يدعمون الدولة، يؤدى إلى التشرذم والصراع والاختلاف، والمفترض أن يتنافس الجميع للحفاظ على الدولة، وإعلاء رأيتها وتدعيم مؤسساتها، و«حب مصر» ليس حكرا على من نجحوا فقط على قوائمه، والبرلمان الجديد يختلف عن كل البرلمانات السابقة، لأن أعضاءه يدينون بالولاء لمن جاء بهم من جموع الناخبين.. عذرا «سيف اليزل» فقد انتهى عصر زعيم الأغلبية الذى يجلس فى المقاعد الخلفية، ويحرك القاعة بإشارات أصابعه.