لا تتعجل عزيزى القارئ المحترم فهذا العنوان ليس مطلع أغنية جديدة ولا تقليد لأغنية قديمة، إنه وباختصار شديد عنوان يوضح مأساة شعب، هل تريد أن تعرف لماذا؟ إذن ما عليك سوى متابعة هذا الحوار الذى يبدو ظاهره مضحك ومسلى لكن باطنه مرض عضال نلتمس الشفاء منه، وتكون البداية بالسؤال الآتى هل هناك علاقة ارتباط شديدة تربط المصريين بـ(الخس)؟ سؤال من الممكن أن يكون تافة ولا قيمة له ولا محل له من الإعراب كما يقال لكنه قيل فى موقف غاية فى الغرابة والسؤال وجه لى من شاب تظهر عليه علامات النبوغ ففى عينيه ترى مسارات الذكاء الفطرى كما تجمع تلك المسارات فى طياتها حزن دفين وهذا أكثر ما شد انتباهى فكيف لمثل هذا الشاب أن يسأل مثل هذا السؤال عديم القيمة.
فأجبته بسؤال مثله ولكن على طريقة كتاب (كليلة ودمنة) وكيف كان ذلك؟ لأننى توقعت أن يكون سؤاله يريد منه طرفة أو لإضاعة الوقت (تسالى) كما يصنع الكثير من أبناء جيله، ولكننى وجدت على قسمات وجهه الاستغراب وربما الامتعاض فأيقنت أننى بالتأكيد لم أفهم سؤاله.
فقلت له هل تقصد بـ(الخس) ذاك النبات المعروف عندنا فى مصر بنفس الاسم؟ قال لى نعم، قلت له إذن ما علاقة الشعب المصرى بالخس؟ قال يا أخى أنا لا أمزح فأنا أعلم أن كثرة المزح تسقط الهيبة كما أن كثرة الضحك تميت القلب، ولكنى تذكرت أغنية كان يتغنى بها المصريون قديمًا ولكنهم يطبقونها بشكل فعلى وهى تدور حول الخس وهى تقول (اترص اترص يا ورق الخس).
كدت لا أسيطر على نفسى من الضحك فكدت أجزم أننى أتحدث مع شخص معتوه فهل بسبب أغنية من الفلكلور الشعبى تضيع وقتى، ولكنه رمقنى بنظرة معناها حتى أنت يا من توسمت فيك الخير تستخف بعقلى ثم بدأ يسرد رأيه مما جعلنى اصمت تمامًا وكلى آذان مصغية.
ألم تلاحظ يا أخى أننا لا نصنع شيئًا إلا بالرص؟ لو لم تصدقنى اذهب الآن إلى أى مصلحة حكومية أو غير حكومية وسوف تجد (الصفوف) ولكنك سوف تجد من يقوم على تنظيمها والرص، اذهب إلى أى ساحة انتظار سيارات سوف تجدها متراصة لتستوعب أكبر قدر من السيارات ولكنك لابد أن تجد من يقوم بعملية الرص مر على أى منفذ أو حتى كمين فى أى طريق ستجد من يقوم بعملية الرص.
هل تستغرب يا صديقى؟ لا تتعجب كثيرًا فأنا لم أقصد من كلامى الضحك بل قصدت أننا تعودنا ألا نصنع النظام بأنفسنا تعودنا ألا نفكر لأنفسنا تعودنا على أن هناك من يوجهنا فكثير من الأحيان نعطى عقولنا إجازة مفتوحة وأكبر دليل على قولى هذا شاهد بنفسك كيف تقوم بعض القنوات الفضائية مثلاً بتوجيه الرأى العام ومعظمنا تقوده الإشاعات والفتن بسبب أننا ننتظر الرص والتوجيه.
نتشدق دائما بأننا سبقنا (الدنيا) ونحمل تاريخ الإنسانية و...و ...، ولكن حتى الآن لا نعمل العقل فى تصرفاتنا فلا احترام لنظام ولا تقدير لوقت ونسارع خلف كل ناعق فلا نتحقق من خبر كما أمرنا الله (عز وجل) ولا نفحص نفسية وخلفية كل من يقوم بعملية التوجيه وخاصة (الإعلام المغرض).
معك حق أيها الشاب الطموح الصاعد الواعد فأنت أيها الشاب خير دليل أن هناك وعيًا ينمو فبك وبأمثالك سوف تتغير المفاهيم ونترك السلبية التى تجعلنا (عجينة سهلة) فى يد من يريد الرص والتوجيه فى الاتجاه الذى يخدم مصالحه.
طوابير - أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة