فى كل حادث هناك شهود يفترض أنهم تواجدوا ورأى كل منهم من زاوية، ومن واقع الشهادات تتكون الصورة.. وبدلا من أن يساهم شهود العيان فى تسهيل التحقيق فإذا بهم يشاركون فى التضليل، وبعضهم لم يشاهدوا شيئا.
وآخرها كارثة استاد الدفاع الجوى، التى سقط فيها قتلى وجرحى من جمهور الزمالك، بسبب سوء التقدير وسوء الإدارة، بدءا من قرارات السماح بإدخال الجماهير من دون استعدادات، وحتى ترك التذاكر فى أيدى بعض المختلين ودعوة الجمهور من دون استعدادات أو سيناريوهات لتنظيم الدخول والخروج.
مع كل كارثة يظهر ما يسمى «شاهد عيان» تراه على فيس بوك وتويتر، أو برامج التوك شو، وتحت عنوان «شاهد عيان»، يحكى بطريقة العالم ويرفق بشهادته الافتراضية قسم على صدق ما يقوله.
فى كارثة استاد الدفاع الجوى بعض هؤلاء الشهود يقدم شهادته لإدانة الجماهير المندفعة وتبرئ الأمن، وأن الأمن كان هادئا وحاول التفاهم مع الجمهور المتزاحم، وأن الجمهور هو من بدأ حرق السيارات وإلقاء الشماريخ ثم تظهر شهادة أخرى من شاهد عيان: يشرح أنه كان حاضرا ويقدم قصة أخرى لتبرئة الجمهور وإدانة الأمن ويقول إنه بدأ بالهجوم، وأن الجمهور كان منظما ولم يقتحم ولم يحرق أو يضرب.
كثير من شهود العيان الافتراضيين ظهروا فى كل حدث أو صدام وقدم كل منهم رؤية تخدم وجهة نظره وغالبا بعضهم يكون لديه رأى يريد البرهنة عليه، ونتذكر أثناء مظاهرات الميادين كان هناك شهود عيان اتضح أنهم لم يكونوا موجودين وبعضهم يقدم شهادته، وهو خارج البلاد أصلا.
والمثير أن «شهود العيان هؤلاء لا يظهرون فى التحقيقات ولا يذهبون للنيابة لكنهم متخصصون للتوك شو ومواقع التواصل».
ولا يبد ما إذا كان هؤلاء «الشهود» لديهم ميول استعراضية أو رغبة فى الشهرة، أو أنهم موجهون، مع العلم أن بعض شهود العيان الافتراضيين مع كل حدث لم يكونوا هناك ولم يشاهدوا شيئا وأن ما يكتبوه إما إنه من اختراع خيالاتهم، أو منقول وموجه.
لكن المؤكد أن «شهود العيان» المجهولين هؤلاء يضرون بحقوق الضحايا، ويشوشون على التحقيقات ويفسدون الأدلة عن عمد، أو جهل.
لكن المفارقة الأكبر أنه فى حال الاستقطاب، يستعمل كل فريق شهود العيان بما يخدم وجهة نظره، بالتهويل أو التهوين، وليس رغبة فى الدفاع أو إبداء الحزن، فقط للمزايدة أو النفاق.
والضحايا هنا هى الحقيقة، وحقوق القتلى والجرحى، ممن لا يضعهم شهود العيان فى الاعتبار، لأنهم لم يشاهدوا، ولم ينشغلوا بما شاهدوه. وينتقلون لموضوع آخر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة