لا يمكن أن نبقى صامتين وراضين ومستسلمين عن الدماء المجانية للمصريين التى تراق يوميا دون معرفة الجانى والفاعل الحقيقى ومحاسبته ومعاقبته، هل هى لعنة «التبلد» التى أصابت مشاعرنا ولم تعد تتحرك أو تتأثر لمشاهد القتل والخنق والذبح والحرق اليومى، ولا يشغلنا سوى الحساب والإحصاء لأعداد القتلى يوميا، الجرائم تمر أمام أعيننا بدون إظهار الحقيقة سوى محاولة كل طرف من الأطراف إلقاء العبء والمسؤولية عن كاهله وتحميلها لطرف آخر، وإبعاد كرة النار المشتعلة عن جسده حتى لا تحترق فيه، ويصبح هو الفاعل والجانى والقاتل، ولا يهم سيل الدماء على الأرض.
ما حدث أمام استاد الدفاع الجوى قبل مباراة الزمالك وإنبى، أمس الأول، هو استمرار للمهزلة وللكارثة و« للبلادة»، ويؤكد أن هناك خللا ما فى مكان ما ولدى مسؤولين ما فى الدولة، ويشير إلى أن هناك عقلا غائبا فى إدارة الأزمات وفى استشراف الكوارث، والكل هنا مدان ومسؤول عن الكارثة و«المجزرة» التى حدتث لشباب الألتراس الزملكاوى أمام الاستاد، فالذى وافق على السماح بحضور الجماهير لمباريات كرة القدم فى مثل هذا التوقيت وهذه الظروف الاستثنائية للبلاد ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية ومؤتمر اقتصادى وقمة عربية، وقبل ذلك هناك ضيف كبير مثل بوتين يزور مصر، هذا المسؤول الذى اتخذ القرار يجب أن يحاكم فى الأساس بتهمة «الغباء السياسى والكروى والاجتماعى»، فالشخص العادى فى الشارع كان رأيه عدم حضور الجماهير إلى نهاية الموسم حتى تمر الظروف الاستثنائية الحالية وتنتهى مصر من التزاماتها الاقتصادية والسياسية واستحقاقها البرلمانى، فمن هو المسؤول عن الموافقة لحضور الجماهير.
أيا كانت أسباب وفاة 22 شابا أمام الاستاد سواء بالتدافع والكر والفر فهناك تقصير واضح فى التعامل مع التجمعات الكبرى وخاصة من الشباب، وهناك إدانة فى التعاطى معهم أى كان مستوى شراستهم وتجرؤهم على القانون، ثم يبقى السؤال: من حرض هذه الجماهير على الذهاب للاستاد ومنحهم الوعد بالدخول المجانى بدون تذاكر للمباراة؟
نحن من يمنح الفرصة للجماعات الإرهابية لتنفيذ مخططها ثم نلقى بالاتهام عليها، وهذا ما نستحق المحاسبة عليه بتهمة الغباء السياسى.