نصيرة بليلى تكتب: النظافة.. أول الطريق للنهضة!

السبت، 14 فبراير 2015 12:01 ص
نصيرة بليلى تكتب: النظافة.. أول الطريق للنهضة! ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شاءت الأقدار والحاجة أن أزور هذا المكان الكئيب، الذى يسمى مكتب الأحوال الشخصية، الكائن بالمعادى، الحقيقة أننى اتفادى الذهاب إليه كلما أمكننى ذلك، لكن للأسف تضطرنى الحاجة الملحة أحيانا لكسر هذه المقاطعة.. ولكى اتفادى الجموع والحشود الخانقة، أختار أن أقوم بهذا الواجب فى اول ساعة يفتح فيها المكتب.

ست سنوات مضت على إقامتى فى المعادى ولم أحظ أبدا بمشاهدة هذا المكتب نظيفا! ما كل هذا الكم من التراب والورق والمخلفات؟ الا يوجد من يقوم بتنظيف المكانب بالليل او فى الصباح الباكر قبل فتح المكتب؟

والأسوأ من هذا كله، أيظن المسئول عن النظافة أنه ما دامت الناس تلقى بقمامتها يوميا فى كل ركن من المكتب، فلا جدوى أصلا لتنظيفه؟

أنا حزينة جدا لهذا التدنى المخيف فى مستوى النظافة فى أماكننا العامة.. يؤلمنى أننى رأيت سيدة مجتمع تجلس فى المقعد الخلفى لسيارة - بى ام - فى أبهى حلتها يقودها سائق خاص، تفتح زجاج السيارة لترمى ورقا فى الشارع!.. يصدمنى وبشدة أن أشاهد داخل مكتب لإصدار التراخيص فى أحد مبانى وزارة الصحة، السيدات الموظفات يستعملن المكاتب المليئة بالدفاتر كموائد لافتراش إفطارهن من بطيخ وجبنة بيضاء وجرجير وطماطم أمام ذهول العملاء، وعدم اكتراث المسئول عن المكتب.. وكان هذا المنظر يدخل فى صميم الوظيفة العامة التى يشغلونها!

هل أصبحت النظافة من الكماليات؟ ما الذى يحتاجه الواحد منا لكى يبقى مكانه الخاص والعام نظيفا؟ من أين جاءت قناعة العموم أن" أى مكان غير البيت فهو ليس لى، وبالتالى لست مسئولا عن إبقائه نظيفا"؟ والأسوأ أننا نلقى اللوم على الحكومات المتتالية، التى لم تستطع السيطرة على القمامة.. الحقيقة المرة أنه لم ولن ينجح أحد من المسئولين عن هذا الملف فى تحقيق خطوة إلى الأمام حتى ولو استقدم من الخارج كل الخبرة والعمالة، وما شاء من وسائل وتكنولوجيا حديثة، ما دام الشعب لا يعير النظافة أدنى اهتمام!

شرطان أساسيان فى نظرى لنجاح كل ما سبق هما: "نشر الوعى" و"الردع" وبدونهما للأسف أشك أن يكون هناك أى إنجاز مرئى.
يجب على القائمين على البيئة البدء بنشر الوعى بكثافة وبكل السبل الممكنة، والتى تناسب كل عقل على حدة.. كل الشعوب قابلة للتغيير فى سلوكياتها ولا يوجد أبدا شعب ولد نظيفا وآخر قذر!

تعرض فى بعض القنوات المملوكة لحكومات عربية بشكل مستمر ويومى حملات للتوعية فى النظافة وقوانين المرور وسلوكيات اجتماعية وصحية أتمنى أن أراها فى كل القنوات المصرية، والأهم أن توجد ضمن البرنامج اليومى للقنوات التى تخاطب الأطفال، والتى أضحت للأسف تملأ فواصلها بإعلانات صاخبة عن جل شعر او شامبو او هامبورغر، لما لا تولى ادارة القناة اهمية لعرض حملة توعية للاطفال حول عدم القاء القمامة الا فى المكان المخصص لها او احترام كبار السن او غيرها من السلوكيات التى من الواجب علينا ترسيخها فى اذهان اطفالنا الذين سيصبحون فى يوم من الايام مواطنين يعون معنى المواطنة الصالحة وغير المفسدة .


يأتى مبدأ العقاب كمكمل أساسى للثواب فى هذه الحملة، ولكى يكون الردع ناجحا يجب أن تكون الرقابة فى كل مكان والعقاب الفورى لاى شخص يقوم برمى مخلفات او تشويه مكان عام بتحرير مخالفة مثلها مثل المخالفات الفورية، التى تحرر للسائقين غير الملتزمين بقانون المرور وان لم يلتزم المذنب بدفعها ترفع على شكل محضر الى جهة قضائية تقوم باستدعائه ومعاقبته.. لو اضطر كل واحد منا لدفع مبلغ مالى كلما القى بورقة او بقايا سجارة فى الشارع، لأمسكنا أيدينا عن هذا وللأبد!

ستقولون لى: كل هذا جميل لكن من سيراقب هذا الكم الهائل من الأفراد؟ "شرطة البيئة".. أقترح وبشدة أن تنشئ وزارة البيئة شرطة مهمتها الأساسية التوعية وتحرير المخالفات ومتابعتها.. وسيكون هذا السلك الشرطى مكونا من شباب من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية يلتحقون ببرنامج تأهيلى تعده الوزارة، وهذا من شأنه أن يمتص نسبة ولو قليلة من أزمة البطالة، وكذلك أن ينشأ شريحة مهمة من المجتمع وهى الشباب بقدر كبير من الوعى الذى سينشره كل منهم آجلا أم عاجلا فى أسرته ومحيطه المباشر.

هذا ليس هذيانا أو مخططا غير قابل للتطبيق.. بالعكس!
يجب أن نفهم كلنا أن مشكلة النظافة التى نعانى منها لن تحل إلا إذا انخرطنا كلنا فى حملة قومية واسعة وشاملة تتكاتف فيها سواعد الحكومة مع الشعب بأكمله دون أن يلوم أى منهما الآخر.. ثورة على القمامة وكل مسبباتها البشرية والمادية.. نحن فى بلد تحرك فيه الشعب بأكمله مرتين لإحداث تغيير يأمل كل واحد منا أن يضع مصرنا الحبيبة على طريق النهضة.. وأول الطريق يبدا بالنظافة.. فهل ستستعيد القاهرة الصدارة على قائمة انظف مدن العالم!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة