محمد نصيح الجابرى يكتب: الطرف الثالث

الإثنين، 16 فبراير 2015 03:15 ص
محمد نصيح الجابرى يكتب: الطرف الثالث ورقة وقلم -صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على ما أعتقد أن "مصطلح الطرف الثالث" ظهر وبكل وضوح فى بداية عام 2011. فهو كمثل العديد ممن المصطلحات التى ارتبطت وأصبحت سائغة على الألسن فى تلك الفترة وربما للحظات فكرنا إن ذلك المصطلح سينتهى تدريجيا بمجرد عودة الهدوء إلى الحياة مرة أخرى واستقرار الأوضاع، ولكن هيهات هذا الحلم الذى تحول إلى واقع مؤلم يطارد كل أم شهيد وكل أب مكلوم وكل مسئول، بل أصبح هذا المصطلح يطارد شعب مصر بأكمله، نعم إن الطرف الثالث هى تلك العاصفة الترابية التى تحل علينا فجأة فتحول نهارنا المشرق إلى ليل أسود كاتم اللون وإذا بنا نبحث ونفكر ونخون ونتحدث ونتشاجر ونتفرق وهو واقف فى مكانه لا يتحرك، وإنما يرجع ذلك ليس لقوته أو شدة ذكاءه وإنما يعود إلينا نحن الذين تركنا عقولنا وبحثنا بعواطفنا، فكما كان قديما يقول الفلاسفة العظام إن التفكير بالقلب نتائجه تأتى بالسلب دائما، ولذلك نحن سئمنا هذا الطرف الثالث لا نريد إن نراه بل تريد إن نمقته أن نقول له، تبا لك أيها الطرف الثالث. أنت من دمرت قلوبنا. أنت من مزقت شملنا.. أنت من ذهبت بأحلامنا إلى الجحيم.

ولكن دعونا نفكر بعيدا عن العواصف وبعيدا عن الضجيج. لماذا نلقى دائما بهمومنا على ذاك الطرف الثالث؟ ربما فى اعتقادى لعوامل كثيرة ومن المرجح أن تكون الإجابة كامنة فى جهلنا بثوابت الأمور وابتعادنا عن المنطق والتفكير وربما هناك قضايا شائكة مرت علينا خلال السنوات السابقة حتى ألان يجهل الكثيرون منا دوافعها وأسبابها.. كمذبحة الألتراس الأهلاوى الشهيرة باستاد بورسعيد التى راح ضحيتها خيرة شباب مصر.. ولعل العجيب أن تتكرر تلك المذبحة بسنوات قليلة وتحدث مذبحة أخرى للألتراس الزملكاوى باستاد الدفاع الجوى ضحاياه أيضا من خيرة شباب مصر.

والفاجعة الكبرى عندما نجد العشرات من جنود القوات المسلحة تستشهد فى سيناء فى عمليات غاية فى دقة التنفيذ والغدر ولا نعلم أيضا من المحرض و الفاعل الحقيقى وراء ذلك. إذن نحن الآن سندخل نفقا مظلما لا يسعنا، إلا إن نقول إن الفاعل لتلك الجرائم هو الطرف الثالث الذى لا يريد لمصر الهدوء والاستقرار والذى أودى بحياة الكثيرون منا ومازال يسعى فى مصر فسادا وخرابا.

ولو انتقلنا قليلا إلى الحياة الخاصة لوجدنا أنفسنا نتعامل مع ذاك الشبح المخيف فى حياتنا العملية فهناك من الأناس من يعشق تقمص تلك الشخصية كى يفسد علينا حياتنا الخاصة والأدلة والحجج كثيرة جدا، فى مجال العمل مثلا نجد أن هناك أفعالا تحدث لنا لا علم لنا بها، ولا ندرى من أين جاءت وماذا تقصد، ولكننا من البديهى إن نرى نتيجة هذا الفعل القذر من ذاك الطرف الأسود مؤثرة علينا كترك احدنا عمله بدون ذنب ليس إلا أنه قال كلمة حق أو ليس إلا انه ارتقى فى عمله لأعلى المناصب.

نعم إن ذلك الطرف اللعين كما أودى بحياة العامة أصبحنا نراه فى حياتنا الخاصة، ولكننا هنا بصدد سؤال هام جدا. كيف نكتشف ذلك الطرف الثالث؟ للأسف الشديد إن الإجابة على ذلك السؤال ربما تحتاج سنوات طويلة من أجل التوصل إليها فهى أشبه بالعمليات المخابراتية التى لا تظهر نتائجها إلا بعد عدة قرون، ولربما قصدت تلك الإجابة لان تلك المؤامرات اللعينة ليست بالأمر الهين كى تظهر نتائجها بمجرد حدوثها على النقيض التام فلو دققنا النظر وأمعنا التفكير فى نتائج عمليات الطرف الثالث سنجدها غاية فى البشاعة والإجرام والضحايا فالبديهى أن يكون معرفة صاحبها أيضا غاية فى التعقيد، لأنه مارسها باحترافية شديدة والاهم لأنها ليست المرة الأولى التى يمارسها، الآن يرتجف قلبى بشدة سيدى القارئ، وذلك لأن انتشار الطرف الثالث فى حياتنا ومجتمعنا الذى لم يعرف من قبل ذلك السلوك المشين إنما هو انتشار لسلوكيات سيئة لم نعهدها من قبل وأخشى ما أخشاه أن يتحول كل صاحب حق أو صاحب مظلمة إلى طرف ثالث فى المجتمع كى يأخذ حقه المسلوب. فلربما وجد لذة الثأر فى ذلك العمل المشين.

إذن هنا يأتى دور المسئولين فى إصلاح المؤسسات التربوية لأنها هى الأساس للقضاء على ذلك السلوك، نعم يجب ألا تخجل الدولة أو تدفن رأسها فى الرمال، بل يجب أن نعترف جميعا أننا أخطانا فى حق هذا الوطن بإهمال التعليم وإهمال المؤسسات الدنينية كالا زهر الشريف والكنيسة، بل الفاجعة الكبرى أننا أهملنا الشباب عصب الأمة وقوتها وتركنا البعض منهم يتلقى علمه من أناس لا هدف لهم إلا تدمير العقول وتسخير الشباب من أجل أهداف خاصة، والنتيجة أن الشاب دائما هو الضحية هو المتهم هو الجانى والمجنى عليه، لن أخشى إلا الله وأقولها وبكل صدق وجرأة كل منا طرف ثالث فى عمله وفى بيته. الأب الذى بهمل تربية أبنائه هو طرف ثالث فى تدمير مستقبلهم، المعلم الذى يحرض على الفساد والخراب وبهمل فى عمله هو طرف ثالث ظلم جيل بأكمله، المسئول الذى تراخى فى أداء واجباته هو طرف ثالث فى تدمير رعيته.

أيها المسئول حاسب نفسك قبل أن تحاسب فنحن شعب ظلمنا كثيرا وحان الوقت كى تخرجنا من غياهب الظلام إلى منبع النور. حان الوقت كى نقضى على هذا الطرف الثالث اللعين والذى وجد ضالته فى البعض منا مستغلا جهلنا وأميتنا وابتعادنا عن العدالة الاجتماعية حجة لتسخير البعض فى تنفيذ عملياته الدنيئة البشعة لتدمير وطن عجز الهكسوس والفرنجة والتتار واليهود عن تدميره.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالله حسين

نعم .. صدقت

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد نصيح الجابري

شكر وتقدير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة