نانى تركى تكتب: مدح ده ولا ذم ؟!

الخميس، 19 فبراير 2015 06:22 م
نانى تركى تكتب: مدح ده ولا ذم ؟! ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول عميد الأدب العربى طه حسين: "لا تقل أثنى على فلان وفلان ورضى عنى فلان وفلان فليس لهذا الثناء ولا لهذا الرضا قيمة، ولكن قل نقدنى فلان وفلان وعابنى فلان وفلان، فإن أصدق الناس فى نصحك والإخلاص لك هم الذين ينقدونك لا الذين يحمدونك، فإن الذى يحمدك إما أن يكون كاذباً عليك وإما أن يكون متخلصا منك وإما أن يكون محبا لك فيصرفه حبه عن عيوبك، أما الذى ينتقدك فمهما يكن سىء النية ومهما يكن مسرفا فى ظلمك والجور عليك فهو يدلك على عيوبك أنت خليق أن تمتحنها فى نفسك فإن تكن فيك اجتهدت فى أن تبرأ منها وإن لم تكن فيك حمدت الله واجتهدت فى ألا تتورط فيها، ولكن كن عاقلا وخَف حامدك أكثر مما تخاف ناقدك واعلم أن الثناء الخالص الذى لا يشوبه النقد إنما هو كالماء أذيب فيه كثير من السكر، وتوشك إن أسرفت فى شربه أن يأخذك الغثيان وخير لك وأصلح لصحتك أن تضيف إلى هذا الماء والسكر عنصرا ثالثا يحول بينك وبين القىء".

الإنسان عامةً بطبعه يحب المدح وينبذ الثناء أنا شخصياً بموووووت فى الإطراء فإن لم يطبلوا لى فكيف لى أن أرقص!! وطبيعة الإنسان أيضاً يخشى النقد لأن النقد قد يعريه أمام نفسه ويكشف له عيوبه التى يحاول التستر عليها حتى ولو لا شعورى ولكن هنا تجب الحكمة فى ألا ننقاد وراء حبنا للمدح وأن نتقبل النقد من أجل الأفضل وإن انتقدك أعداؤك، فذلك الأفضل يدمرهم فيكونوا فعلوا بك خيراً وليس سوءاً ولو كانوا تنبؤوا بنتيجة نقدهم لك ما كانوا انتقدوك أصلاً.

ولو كنت ناصحة نفسى وغيرى هنا لقلت لا تخشى النقد أبداً بقدر ما تخشى المدح المبالغ فيه فإن فى نفس صاحبه غرض ما وفيه شر كثير أقله أن يعطيك صورة زائفة عن نفسك وهل أكبر من هذا شر.

لا تنسى أن المدح من أهل الفضل والعقلاء لإعطاء الحق لأصحابه بالتكريم والثناء والدعم لا ضير فيه وهو يحث الآخرين لتقليد الأفعال النبيلة والخصال الحميدة، والنقد البناء الهادف المعلم من غير تعال أو سخرية أو سب وقذف وألفاظ نابية وشخصنة من شخص المنقود وقتها يهدى المنقود إلى عيوبه لإصلاحها ونيل التقدير من الآخرين إذا عمل بها وفى الاثنين خير وصدقة لكن الأساس الأسلوب والنية، فالنقد يحتاج إلى دراسة أخلاقية متأنية متلازمة مع دراسة علم النقد أما إذا كان النقد مقتصراً فقط على علم النقد فلا أعتقد أى أحد منا سيقبل النقد حتى و لو كان من كبار النقاد.

جميعنا نصاب بالغثيان إثر مدح زائد حاد تحتاج معه مقدار نصف لمونة من النقد كى تستقر معدة قلوبنا وتطمئن لحكم من يطعمنا مديحه، ونصاب جميعاً بمغص محرج للأمعاء الإنسانية إثر تناول وجبة كاملة من النقد اللاذع خالية من القدر المسموح من التقدير أو الملح.. أقصد المدح.

فللميزان كفتان ولكل منا أذنان وعينان ورأس واحدة وقلب واحد وما بين العقل والنصح والمشاعر والتلطف يكمن حسن الكيل وعدل الميزان، والعاقل من يزن ويتذوق ما يأكله قبل بلعه والأحمق هو من يأكل أى شىء طالما أخبره من أهداه له أنه "حلو يستاهل حلاوة فمه".

كل التضخيمات فى المدح أو النقد لا تخدم إصلاحاً ولا تحقق نصحاً "وإذا قلتم فاعدلوا" فالعدل يجافى كل تضخيم، اللهم ارزقنا مدحاً نستحقه ونسعى لتأكيده وعافنا وابعد عنا نقداً لاذعاً يثبط همتنا ويهد عزيمتنا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة