يهتم تنظيم داعش كثيرا بالإعلام، وعلى حد علمى فليس هناك تنظيم إرهابى يراهن مثله على تصدير صورة أو توثيق مذبحة، تشعر وكأن أعضاء التنظيم يجاهدون فى سبيل الكاميرا، ويقيمون الفروض من أجل لقطة مميزة، فى صفحات الجرائد وعلى شاشات الفضائيات استغرق المحللون فى شرح فيديوهاتهم وتوصيفها وتحليلها، تراهم يتكلمون فتشعر أن المخرج الأمريكى ستيفن سبيلبيرج هو الذى أخرج تلك الفيديوهات الدامية، ولا يدل إلا على نجاح هذا التنظيم الإرهابى القذر فى توصيل رسالته المتوحشة، وفشل إعلامنا فى التصدى لهذه المعركة الخطيرة.
يموت الجنود على الحدود ويموت المصريون خارجها، معارك حية، فيها الكثير من الرصاص، والكثير من الدماء، والكثير من الوجع، وبجانب تلك المعارك النارية هناك معركة أخرى اشتركنا فيها دون أن نشعر وانسقنا إليها مغيبين، نجحت داعش فى أن تجذب أنظار العالم إليها، ووصلت إلى قمة النجاح حينما أجبرت جميع قنوات العالم على إذاعة موادها الإعلامية المتفجرة، فشعر البعض بالهلع، والبعض الآخر بالاشمئزاز، والبعض الآخر بالغضب، بين ليلة وضحاها صار اسم داعش على كل لسان، ووصلت رسالتها إلى العالمين.
إعلامنا بالطبع لا يجد وقتا ليتأمل تلك الحالة المزرية التى وصل إليها، فالإعلام بالنسبة للكثيرين ليس أكثر من وصلة شتائم يعقبها فاصل إعلانى تتبعه فقرة ردح، إعلامنا للأسف تخلى عن كلمة «الإعلام» التى تعنى توصيل معلومة للجماهير، وأصبح أداة للتسخين تارة والشرشحة تارة والفضائحية تارة، وياليتها فضائحية حقيقية. لو انتبهنا إلى خطورة تلك المعركة لتمكنا من هزيمة داعش إعلاميا من حيث أراد هذا التنظيم أن يهزمنا، وذلك عبر عكس الرسائل التى يريد توصيلها إلينا، فبدلا من أن نجتهد فى أن يصل الناس إلى مرحلة الرعب من داعش علينا أن نستفز فيهم النزعات الوطنية ونعدهم لما بعد المعركة، وبدلا من أن نتفنن فى الافتتان بفيديوهات داعش ونعيد فيها ونزيد، علينا أن نقتصد فى إذاعتها بقدر الإمكان، وبدلا من الغرق بعد إذاعة كل فيديو فى إلقاء الاتهامات على بعضنا البعض علينا أن نهتم بالخلافات الداخلية بين داعش وأخواتها، وبين قيادات داعش وبعضهم البعض.
إعلام داعش يريد أن يوصل عدة رسائل، أن يضعف الحالة المعنوية لجنود مصر، وأن يفقد المصريين إيمانهم بوطنهم وجيشهم، وأن يبث الرعب فى قلب كل من يقف فى سبيله، وأن يعظم من صورة أتباعه وجنوده، وأن يصل إلى كل مكان بالعالم فيعلم القاصى والدانى خطورة التنظيم، فلماذا نساعدهم فى توصيل هذه الرسائل؟ ولماذا لا نستخدم نفس سلاحهم فى هزيمتهم؟ لماذا لا نعد استراتيجية إعلامية لرد هذه الهجمة الشرسة، بدلا من البكاء والنواح والعويل؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة