ظاهرة منتشرة بين بعض فئات المجتمع المصرى، وهى زواج السنة أو الزواج غير الموثق الذى يكتفى أصحابه بقراءة الفاتحة بين كبار أسرتى الزوج والزوجة، دون وجود مأذون، أو قسيمة زواج أو حتى أى أوراق تثبت الزواج.
وفى الزمن الذى أصبحت فيه كل الحقوق تؤخذ بالقانون ما زال البعض لا يعرف قسيمة الزواج التى تعطى المرأة حقها فى الطلاق أو الميراث أو الحقوق، التى شرعها لها الله فى قرآنه قبل أن يسطره الإنسان فى الدستور.
ولم يهدر هذا الزواج حق المرأة فقط، بل تطرق إلى حق الطفل الذى لا يملك شهادة ميلاد أو حتى شهادة صحية تحميه من أمراض الطفولة منها شلل الأطفال وغيرها، بالإضافة إلى حقه فى التعليم والدعم، الذى تعطيه الحكومة للشعب من السلع الغذائية والخبز.
وبالرغم من كل القوانين فإن واقع المجتمع المصرى يشهد بأن الممارسة الفعلية لا تتقيد بالنصوص القانونية ويتذرعون بالشريعة الإسلامية.
أحد المتزوجين سنة: "عدم وجود قسيمة الزواج يحول بيننا وبين الحياة لأن كل شىء أصبح بالبطاقات حتى الزيت والسكر ولم نستطع أداء العمرة من غيرها
يقول أحمد زكى أحمد "عشنا فى جهل سنوات وأدركنا ذلك بعد أن أصبح كل شىء بالأوراق، وأصبح الحصول على التموين، والسكر والعيش بالبطاقة، ونحن ليس معنا مايثبت أن لدينا عائلة وأسرة".
ويشرح زكى "كانت زوجتى عندها 13 سنة عندما قررت الزواج منها ولم يكن هناك فى عاداتنا وتقاليدنا مأذون رسمى نحصل منه على قسيمة زواج وإنما العادات تستلزم فقط حضور كبار العائلات وإشهار الزواج بعد قراءة الفاتحة واستمررنا كذلك حتى 5 سنوات ماضية عندما رغبنا فى أداء فريضة العمرة، وكان عدم وجود قسيمة عائق يحول دون ذلك".
ويضيف زكى: "لما خرج الشباب المتعلم وبدأ فى توعية المواطنين فى أن لكل سيدة الحق فى الحصول على قسيمة زواج حتى لو كانت ظروف القبائل والعائلات تمنع أى شخص من التلاعب بالفتاة، قمنا بتوثيق الزواج لى أنا وزوجتى بعد زواج دام نحو 50 سنة بدون قسيمة".
ويقول أحمد زكى: "أنا الآن مرتاح نفسيًا لأنى لو مت سوف يكون لزوجتى الحق فى الحصول على معاش أو إرث لها فى بيت أو طين بعد أن أصبح معها مستند تحصل به على حقوقها بالقانون والشرع".
ويؤكد زكى: "جواز السنة ماينفعش الأيام دى، ومع الشباب اللى لا بتحترم كلمة كبير ولا بتراعى دين، وهو بيأخر الإنسان ويخليه ما يتقدمش فى تعليم ولا صحة وصاحبه محروم من أى حقوق الدولة بتعطيها".
نورا: "تزوجت وعمرى 17 سنة ومصاريف المأذون حالت بين توثيق الزواج واضطررت لدفع رشوة فى الوحدة الصحية لتحرير شهادة ميلاد لطفلى ليحصل على رعايته الصحية
أما نورا. ف فهى تزوجت وعمرها 17 سنة وتقول: "لم أكن أعلم طريقة الزواج ولا ضرورة وجود مأذون لتوثيقه وكل ما عرفته أن كبار عائلتى قاموا بقراءة الفاتحة، وسيدات القرية قامت بتزيينى وتجهيزى لحفل الزفاف، وبعدها سمعت من زوجى ضرورة أن يتم توثيق عقد الزواج حتى يستطيع إثبات نسب المولود الذى كان فى بطنى، ولكن وبعد علمه بالمبلغ الذى سيدفعه إلى المأذون، والذى يصل أقله إلى 500 جنيه، وهو "أرزقى على باب الله" تجاهلنا الأمر، وقررنا أن نستمر كما هو حال آبائنا وتضيف نورا: "أدركت حقيقة المشكلة عندما أنجبت طفلى، ولم أستطع عمل شهادة ميلاد له يستطيع من خلالها الحصول على حقوقه من تطعيم ورعاية صحية وغيرها، وبعد رؤيتى لعدد من الأطفال بالقرية مصابين بشلل الأطفال بسبب عدم التطعيم، فحاولت عمل شهادة الميلاد بكل الطرق فلجأت لصديقة لى تعمل بالوحدة الصحية وقمت بدفع بمبلغ من المال حتى أستطيع عمل شهادة الميلاد، لكنها أكدت لى أنى لن أستطيع فعل ذلك مع الطفل الثانى لى"، وتقول نورا: جواز السنة دى عقاب لنفسى ولعائلتى بأكملها بعد أن أصبح كل شىء بالبطاقات العائلية حتى العيش أصبح بالبطاقات.
إيمان. م "مش بنخاف من هجر الزوج فى جواز السنة لأن الكل عندنا ملتزم بالعادات والتقاليد".
إيمان. م سنها 18 سنة متزوجة منذ عام فتقول "أنا متزوجة من ابن عمى ومعندناش مشكلة فى زواج السنة أصل إحنا عائلة واحدة ومعندناش حاجة اسمها أنه ممكن يطلقنى أو يهجرنى من غير إثبات حقى لأن دى أصول وتقاليد كلنا ملتزمين بها".
إيمان ع: "ابنة عمى توفى زوجها السنى ولم تستطع الحصول على المعاش أو ميراثها وميراث أولادها"
وتحكى إيمان عطية مشكلة ابنة عمها التى توفى زوجها بعد سنة واحدة من زواج السنة، وليس لديها أى أوراق تثبث علاقتها به حتى تستطيع الحصول على معاش شهرى لها ولولديها، كما أنها لم تستطع الحصول على ميراثها وميراث أولادها، وليس لديها أى مصدر رزق تنفق به عليهم.
ميرفت التلاوى: "لابد من تشديد الرقابة للتخلى عن العادات التى تضر الأمن القومى.. والفتاة فى زواج السنة مغلوبة على أمرها
تقول ميرفت التلاوى، أمين عام المجلس القومى للمرأة، أن معظم المحافظات الحدودية مثل مطروح والوادى الجديد أو أسوان وغيرها ينتشر فيها الزواج غير الموثق تحت مسميات مختلفة مثل زواج السنة، وزواج القبائل، وتكون المرأة أو الفتاة فى هذا الزواج مغلوبة على أمرها لا تعرف لها حق.
وأكدت التلاوى على ضرورة تشديد الرقابة للتخلى عن العادات والتقاليد، التى قد تصل نتائجها إلى حد الأمن القومى متسائلة، كيف نعرف المصرى من الأجبنى فى هذا الزواج، الذى لا يعرف للبطاقات عنوان فى ظل الظروف الأمنية للبلاد.
وطالبت التلاوى مصلحة الأحوال المدنية، بتشديد العقوبة على المتهربين من تسجيل البيانات سواء كان لأطفالهم أو بيانات زواجهم، بالإضافة إلى تعديل لائحة المأذونين لمغالاتهم فى المصاريف، التى تضطر من يعيشون تحت خط الفقر إلى التهرب منها.
وتقول التلاوى: "بدأنا فى عمل البطاقات الشخصية للمرأة لمساعدتها فى الكثير من الأمور منها أخذ القروض والعمل وغيرها، وأهم الأمور التى يجب أن تستغل المرأة بطاقتها الشخصية هو توثيق زواج السنة".
ونفت التلاوى حصر حالات الزواج غير الموثق حتى الآن بسبب عمل أصحابه خطأهم وخروجهم عن القانون فيه، فلا يقومون بالإعلان عنه مشيرة إلى رصد عدد من الحالات مؤخرًا ترغب فى توثيق عقودهم.
عضو لجنة المصالحات بوزارة الأوقاف: "زواج السنة صحيح شرعًا خاطئ قانونًا وأبو حنيفة طالب بتوثيق الزواج بعد أن خربت الذمم
من جانبه قال الشيخ أحمد الكلحى، عضو لجنة المصالحات بوزارة الأوقاف المصرية، إن زواج السنة صحيح شرعًا، ولكن خاطئ قانونيًا فى ظل دولة تقوم على القانون.
واستنكر الشيخ الكلحى قول من يرددون أن زواج السنة كان متبعًا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن الوضع الآن لم يكن كما فى عهد رسول الله، مشيرًا إلى اجتهادات الإمام أبى حنيفة لتوثيق الزواج لما خربت الذمم وقل الورع وضعف الإيمان فى نفوس أصحابه أوجب العرف تسجيل عقد الزواج ضمانًا للرابطة الزوجية وحفاظًا على حقوق الزوجين وحقوق الأبناء.
ويضيف الشيخ الكلحى "تعاملنا مع قضايا كثيرة لزواج السنة، انتهينا فيها أعوامًا أمام القضاء لإثبات نسب أطفال من أب تخلى عن اعترافه بزوجته، التى أنجب منها 3 أطفال تحملت فيها الأم الكثير من الأعباء المادية والمعنوية حتى يستطيع القانون أن يساندها أخيرًا".
رئيس جمعية المستقبل " وثقنا 16 عقدا بتكلفة 5 آلاف جنيه لمتزوجين بالسنة وأهم أسباب الرافضين للتوثيق هو اقتناعهم بعدم أحقية المرأة للميراث أو أى حقوق لها فى الطلاق
من جانبه يقول سمير كامل، رئيس جمعية المستقبل للتنمية وحماية المستهلك، إن الجمعية قامت بتوثيق 16 عقد زواج بتكلفة 5 آلاف جنيه حتى الآن لمتزوجين بطريقة السنة بعد أن أدركوا من خلال حملات التوعية حاجتهم لتغيير العادات والتقاليد، التى نشأوا عليها لمواكبة الظروف الحياتية الجديدة، التى تتطلب حيازة الأوراق والمستندات لإثبات الحقوق والحصول على الدعم الحكومى للسلع الغذائية، وكذلك الحقوق القانونية.
وأشار كامل إلى أن أسباب اللجوء إلى هذه الزيجات هى العادات والتقاليد المنتشرة فى المحافظات الحدودية والمناطق القبلية وبين العائلات، بالإضافة إلى الهروب من السن الذى وضعه القانون للزواج وهو سن الـ18 عامًا فى حين أن معظم عائلات الصعيد والأرياف تزوج بناتها دون ذلك السن.
وأضاف كامل أن أهم الأسباب، التى تؤدى إلى زواج السنة هو توفير نفقات الزواج والمأذون التى ليست فى حوزة الشاب فيضطر إلى اللجوء إلى العرف والسنة.
وأكد كامل عدم اقتناع بعض العائلات بضرورة توثيق الزواج، مبررين ذلك بأن المرأة لا حق لها فى الميراث أو أى حقوق أخرى لها سواء طلاق أو خلافه.
رائدة ريفية: "مباحث الآداب ألقت القبض على زوجين فى متنزه لعدم وجود قسيمة بحوزتهما وآخرين لم يستطيعوا المبيت فى غرفة واحدة بفندق أثناء سفرهم القاهرة للعلاج
وتقول ثريا مصطفى بشير، رائدة ريفية بوزارة الصحة، "إن مهمتها هو التواصل مع عدد كبير من الأسر فى المناطق النائية والقبلية وفى منطقة نجع ونس وجدت الكثير من المتزوجين بالسنة طبقًا للعادات والتقاليد وهروبًا من مشكلة السن وتكاليف الزواج".
وتضيف ثريا: هناك الكثير من المشاكل التى أوجدها هذا الزواج منها أن عروسين حاولا الخروج بعد فرحهما بأسبوع فى أحد المتنزهات، وقام ضباط مباحث الآداب العامة بإلقاء القبض عليهما لعدم وجود قسيمة زواج بحوزتهما، ولم يخرجا من قسم الشرطة إلا بعد حضور أقارب الزوجين".
وتحكى ثريا موقفًا آخر أنتجه زواج السنة هو عدم قدرة زوجين على السفر معًا للعلاج فى القاهرة باستخدام قطار النوم، الذى يستلزم قسيمة الزواج وعدم قدرتهما على المبيت بغرفة واحدة فى أحد الفنادق لحاجتهما إلى مايثبت زواجهما.
نبيه الوحش: الزواج غير الموثق دعارة مقننة ومن يقول إنها سنة عن النبى فهو نسى أن الإسلام الآن أصبح فى خانات شهادات الميلاد فقط
من جانبه قال نبيه الوحش المحامى بالنقض والدستورية العليا، إن الزواج غير الموثق هو دعارة مقننة.
ورد الوحش على من يبرر هذا الزواج بأنه سنة عن النبى قائلًا: "هذا كان فى عهد النبى وصحابته عندما كان هناك دين وضمير ووعى وإسلام، ولكن فى العهد الحالى الذمم خربت ولم يعد الإسلام موجودا إلا فى شهادات الميلاد والبطاقات وخانة جواز السفر وليس إسلاما واقعيا وفعليا.
وقال الوحش إن هذا الزواج غير دستورى وغير إسلامى، وناتج عن قانون 2000 الخاص بالخلع، والذى عالج موضوع الزواج غير الموثق بالطلاق أو إثبات النسب، والذى فتح الباب على مصراعيه أمام زيجات ما أنزل الله بها من سلطان لأنه اعترف بالزواج بأى ورقة عرفية حتى لو كانت على "ورقة لحمة" مثل زواج الدم، والسنة والمسيار.
وأشار الوحش إلى أن القانون لم يعط للمرأة أى حقوق شرعية للزوجة فى هذا الزواج.
مأذون بالأوقاف "تكلفة المأذون لا تعد سببًا للزواج غير الموثق ولكنها العادات والأعراف
من جانبه قال الشيخ عماد عبدالخالق، مأذون بالإسكندرية، إن تكلفة المأذون لا تعد سببًا رئيسيًا فى الزواج غير الموثق لأنه من الممكن أن يكتب الزوج على الصداق المسمى ويكون أعلى تكلفة له هو 250 جنيهًا.
وأشار الشيخ إلى انتشار هذا الزواج فى المناطق، التى ترتبط فيها العائلات بالعادات والتقاليد والقاطنين بعيدًا عن الحضر، ولكن تكبر مشاكلهم فى حالة ولادة الأطفال الذين لا يحصلون على حقوقهم الصحية والتعليمية.
ويضيف الشيخ عماد إلى أن بعض السيدات الأرامل تلجأ إلى زواج السنة فى حضور الأهل والأقارب للهروب من منعها من أخذ المعاش، لحاجتها إليه، وفى هذه الحالة اتفق العلماء على شرعية الزواج واختلفوا فى حكم حصولها على المال.
ويكشف الشيخ عماد عن طريقة توثيق الزواج بعد ذلك من خلال الحضور إلى المأذون وعمل تصادق على الزواج فى حضور الأهل والشهود.
عم أحمد أحد المتزوجين سنة
إيمان قريبة إحدى المتضررات
ثريا رائدة ريفية
نور إحدى المتضررات
"زواج السنة" عادة تعارفت عليها بعض العائلات القبلية وضاعت فيه حقوق المرأة والطفل.."نورا": تزوجت وعمرى 17 سنة ومصاريف المأذون حالت بين توثيق الزواج فدفعت رشوة.. الوحش: الزواج غير الموثق دعارة مقننة
السبت، 21 فبراير 2015 08:42 م
عم أحمد أحد المتزوجين سنة
الإسكندرية – هناء أبو العز
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة