بداية أنا من حزب المدخنين فى مصر، ومع ذلك أعلن ترحيبى بالزيادة الأخيرة فى أسعار السجائر من منطلق النظرية الشهيرة للفنانة الراحلة صباح «الغاوى ينقط بطاقيته» وخاصة إذا كانت «النقطة» تتعلق بأمور الكيف والعادة التى لا علاقة لها بالصحة العامة أو بمتطلبات الأمور الحياتية الضرورية، لأنه ببساطة يمكن التوقف والإقلاع عنها لصالح ضرورات أخرى، أعرف أن أصحاب المزاج والمدخنين غاضبون بعض الشىء من زيادة الأسعار، لكن هناك مصلحة وطنية لا تتعارض مع المصلحة الشخصية بعد تقبل الأمر الواقع.
فى ظروف استثنائية مثل التى تعيشها مصر اقتصاديا وسياسيا هناك ضرورة وطنية لوقف نزيف الموارد وأموال الدعم التى تذهب فى الاتجاه الخاطئ، وبالتالى توفر موارد وأموالا إضافية لخزينة الدولة للاستفادة منها فى مشروعات يستفيد منها عموم الناس سواء مدخنون وغير مدخنين.
ورغم الزيادة الأخيرة مازالت أسعار السجائر فى مصر مقارنة بالدول الأوروبية هى الأرخص على الإطلاق، فى أوروبا علبة السجائر يتجاوز سعرها 5 يورو أى حوالى 45 جنيها، وفى إنجلترا علبة السجائر تصل إلى 10 جنيهات إسترلينى، أى حوالى 100 جنيه مصرى، ولا يقول أحد إن المرتبات هناك أعلى من المرتبات فى مصر، والقدرة الشرائية للمواطن الأوروبى أعلى، وهذا انطباع غير صحيح، فالتدخين لا علاقة له بالقدرة الشرائية أو بالمرتبات المنخفضة والمرتفعة، لأنها حاجة شخصية وليست من الضرورات، ففى أوروبا أيضا هناك نسبة كبيرة من غير المدخنين، والاتحاد الأوروبى قرر زيادة أسعار السجائر ليس من جانب اقتصادى، وإنما لأسباب بيئية وصحية، وهناك دول خليجية سارت على نفس النهج للحد من التدخين «المضر والقاتل بالصحة» وقررت منع التدخين فى كل الأماكن العامة مثل دول أوروبا.
الزيادة فى أسعار السجائر بالتالى تحقق عدة فوائد أولها بالنسبة لى شخصيا سأفكر جديا فى الإقلاع عن التدخين لأسباب بيئية وصحية بالتأكيد، والثانى أن قرار الزيادة سيوفر للدولة حوالى 32 مليار جنيه، كما أعلن رئيس شركة الشرقية للدخان المهندس نبيل عبد العزيز، وهذا خبر سار فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية، فإذا كانت هناك إمكانية لتوفير موارد من سلع غير حيوية أو ضرورية لخزينة الدولة، فلا نملك سوى الترحيب بمثل هذه القرارات رغم «زعل» المدخنين لكن نثق فى حسهم الوطنى للتضحية بشىء من أجل المصلحة الوطنية.