اللى لغى مواعيده.. اللى قرر ما ينزلش من البيت.. اللى قرر يتفرج على القهوة وسط الناس.. اللى أجل ميعاد الدكتور.. التف ملايين المصريين حول الشاشة فى توقيت واحد الساعة السابعة مساء.. لم يكن الحدث مباراة كرة قدم فى نهائى أفريقيا ولا مباراة الأهلى والزمالك.. ولكن كان الجميع فى انتظار خطاب أو بيان أو حديث الرئيس الذى تم الإعلان عنه قبلها بيوم، هذه الحالة التى عاشها المجتمع المصرى لم نعاصرها منذ سنوات طويلة، ولنقل منذ عشرات السنين أيام السادات وعبدالناصر وربما مبارك فى بداية حكمه.
رجوعًا إلى حديث الأحد، قال الرئيس إن هذا الحديث سيكون بصفة دورية كل شهر مباشرة إلى الشعب بدون وسيط للتحدث فى كل القضايا الداخلية والخارجية، وهذا بلا شك تقليد أسعد الكثير ولاقى قبولاً.. كان هناك كثير من الانتقادات على طريقة المونتاج والتصوير.. إلخ.. ماشى الحال.. يمكن التحسين فى اللقاءات المقبلة.. مش قصة يعنى المهم المضمون، لفت نظرى شمولية الحديث فى التعرض لملفات كثيرة تمس الشارع المصرى، مما يعنى أن المطبخ الذى يعمل مع الرئيس أجاد فى التحضير، وأن تقارير الرأى العام التى تصل للرئيس على درجة جيدة من الدقة والوعى السياسى، الحوار التلقائى الارتجالى للشعب يصل بسهولة من القلب إلى القلب، تميز الرئيس ليس فقط فى حديثه الأخير ولكن منذ معرفتنا به بعفة اللسان وقدرة فائقة على ضبط النفس وعدم رد الإهانة والإساءة.. رغم حملات وحفلات التشويه والتسريب والوقيعة التى تقوم بها أجهزة ودول، هذه القدرة أكسبته المزيد من الاحترام والتقدير من الشارع المصرى، أشار الرئيس لحروب الجيل الرابع التى يسخر منها جماعة الإخوان والحقوقيون ونشطاء صنم يناير عمدا وكيف أن هذه الحروب عتادها هو الإعلام والشائعات والتقنيات التكنولوجية المتقدمة فى إشارة لما نشرته محطات فضائية والشبكات الاجتماعية عن تسجيل صوتى هدفه الرئيسى هو شق الصف العربى والوقيعة بين مصر وأشقائها العرب الذين وقفوا بجانبنا منذ سقوط التنظيم الإرهابى الخائن فى 30 يونيو، كان من الممكن ألا يشير الرئيس السيسى بهذا الوضوح لدور الأشقاء العرب فى مساندة مصر خاصة بعد التسريبات القذرة، ولكنه كان شجاعًا لم ينكر فضلهم.. فلا يعرف الفضل إلا أهل الفضل. ولكن على الجانب الآخر لدى ملاحظتان عندما قال إنه تحدث مع النائب العام لتعزية أحد أقاربه وقال للنائب العام إنه لا يتدخل فى القضاء المصرى، وكان رد النائب العام إن كلا منا سيواجه ربه منفردا ولن نكون معا، مما يعنى أن الضمير نابع من الخشية من الله. ربما ينتقد البعض وأنا منهم خلط الشأن السياسى وهو فى سياق استقلال القضاء بما هو دينى، فماذا لو كان النائب العام غير ملتزم دينيا أو على دين آخر سماوى أو بهائى أو لادينى مثلا هل هذا سينتقص من ضميره الإنسانى كرجل قضاء؟ الفيصل هو الدستور والقانون الذى يلزم الرئيس والسلطة التنفيذية والقضاء بمبدأ الفصل بين السلطات، لا دخل للوازع الدينى هنا، فهذا شأن شخصى وليس شأنا عاما، أتمنى (على المستوى الشخصى) أن يبتعد الرئيس عن هذا الخلط، وأنا أعلم أنه قد يتفق أو يختلف معى البعض، ولكن هذا ما أتمناه كسلوك عام لمؤسسات الدولة.. الملاحظة الأخرى فيما يتعلق بالإفراج عن الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، لا مزايدة على أننا جميعا نرفض الظلم ولكن ما هى سلطة رئيس الجمهورية فى الإفراج عن محبوسين على ذمة قضايا؟! الرئيس لديه فقط صلاحية الإفراج عن المحكوم عليهم بحكم بات ونهائى بموجب الدستور م155 أو ترحيل أجانب على ذمة قضايا بموجب القرار بقانون رقم 140 لسنة 2014.. ما عدا ذلك فهذا ليس من سلطاته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة