المعركة التى خاضتها دولة 30 يونيو ضد المشروع الجديد لأمين تنظيم الحزب الوطنى المنحل أحمد عز، تؤكد أن دولة الثورة ماضية على الطريق الصحيح رغم امتداد المعارك على عدة جبهات داخلية وخارجية، فالمشروع الجديد لأحمد عز لم يكن مجرد رغبة رجل أعمال فى ممارسة حقه الدستورى والترشح للبرلمان، كما سبق وأعلن فى أكثر من مناسبة، ولكنه كان إشارة رمزية كبرى لنظام كامل بالعودة ومحاولة السيطرة على مقاليد الأمور، وإعادة إنتاج دولة مبارك.
الحمد لله أن دولة 30 يونيو حققت انتصارًا على مشروع النكوص إلى الماضى الاستبدادى بقيادة أحمد عز، والذى يقترن فيه الفساد بالسلطة ويرتهن فيه مصائر 90 مليون مواطن مصرى إلى المجهول، خاصة أن تفاصيل هذا المشروع الاستبدادى لاختطاف المصريين مجددا، جاء فى وقت يتصور فيه كثيرون أن الدولة مادامت منشغلة بمعركتها الوجودية ضد قوى الشر والإرهاب، يمكن أن تغفل عن ثغر أو أكثر من ثغورها، ليتسلل منها السوس وينخر من جديد فى جسد الأمة.
نعم دولة 30 يونيو مشغولة بحربها الوجودية ضد قوى الشر والإرهاب، التى تساندها دول كبرى وأجهزة مخابرات عاتية، لكسر مصر وتركيعها، باعتبارها العقبة الكبرى أمام اجتياح الشرق الأوسط كله من الخليج إلى المحيط، لكن هذا الانشغال لم يحل بين الدولة ممثلة فى سلطاتها التنفيذية والقضائية المختلفة وفى قواها الشعبية الفاعلة ومنظمات المجتمع المدنى، وبين ترتيب الأولويات والوقوف بالقانون وبوسائل الاحتجاج أمام مشروع الدولة الاستبدادية الماضية التى كان يهدف إلى بعثها من جديد أمين الحزب الوطنى المنحل ومساعدوه الذين ظهر بعضهم على السطح بالفعل وأغلبهم تواروا إلى حين مثل قاعدة جبل الجليد.
كم كان لافتا تطبيق القانون كحد السيف على الكبير والصغير ومن بينهم أمين تنظيم الحزب الوطنى المنحل، الذى ظن أن الأمور تدار فى دولة 30 يونيو الجديدة كما كانت تدار فى السابق بالأمر المباشر، وكم كان مستفزا أن رجل الأعمال أصر على الترشح فى الانتخابات رغم أنه، عجز عن تقديم ما يثبت رفع التحفظ على أمواله والتصرف فيها، وكذلك حساباته السرية، حيث صدر ضده قرار من جهاز الكسب غير المشروع وأيدته محكمة الجنايات، وهو ما يفقده أحد شروط الترشح للبرلمان، كما أن الحساب الذى فتحه رجل الأعمال ببنك مصر وفقًا لما نصه عليه قانون مباشرة الحقوق السياسية بإلزام المرشح بفتح حساب بأحد البنوك التى تحددها العليا للانتخابات، لا يستطيع عز التعامل عليه بالإيداع أو السحب، بعد قيام البنك المركزى بإغلاقه، ورغم ذلك أصر على المضى إلى آخر الشوط وتقديم طعن على قرار اللجنة العليا باستبعاده.
ليس هذا فقط، بل حاول رجل الأعمال إلى تقديم مرافعة طويلة عريضة، خلال حواره مع خالد صلاح، عن تاريخه فى الحزب الوطنى وعن نظام حسنى مبارك، حاول فيها اكتساب شعبية زالت واستجداء تعاطف لم يعد له أساس أو مبرر، ليصور محاولة عودته ومعه كل رموز الدولة الاستبدادية القديمة محاولة مشروعة لممارسة الحقوق الدستورية لفئة من المصريين، وتغاضى أحمد عز عن الرسائل العديدة القاطعة التى تعهدت بها دولة 30 يونيو من أن العودة للماضى مستحيلة، بدءًا من الرئيس السيسى الذى حذر المستخفين بذكاء وإرادة المصريين من محاولة تحضير أرواح من ثار عليهم المصريون، وقال عبارته الشهيرة "المصريين مش هيسمحوا برجوعهم"، وانتهاء بالرموز الشعبية والسياسية التى انتفضت لكشف المخطط الفلولى الخطير بإعادة غسيل سمعة رجال مبارك وتصويرهم على أنهم الأكثر خبرة وقدرة على انتشال الدولة من ظروفها الاقتصادية والأمنية.
انتبهوا أيها السادة، لأن دولة 30 يونيو خاضت صراعات وحروبا لم تمر بها أبدا دولة مبارك ورجالة، والحمد لله تحقق فيها جميعا انتصارات بارزة، سواء على صعيد مواجهة الإرهاب أو صد الاعتداءات الخارجية، أو تأسيس دولة المساواة والقانون، أو إنجاز فكرة العدالة الاجتماعية وتحقيق مستوى آدمى من الحياة الكريمة للطبقات الأعرض من المصريين، بينما سقطت دولة مبارك الأمنية المستبدة فى أول اختبار أمنى وأسقطت معها الدولة فى الفوضى التى نعانى منها حتى الآن.
انتبهوا أيها السادة، لأن المصريين على اختلاف توجهاتهم لن يسمحوا بعودة نظام مبارك الفاشل ودولته المستبدة العاجزة، سواء على يدى أحمد عز نجم الحزب الوطنى المنحل وأحد أسباب الإسراع بانهيار دولة مبارك، أو على أيدى أى رمز آخر من الرموز التى ثار عليها الشعب فى 25 يناير أو 30 يونيو.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة