"اليوم السابع" يرصد الكارثة بمنطقة عشش طابية الصالح بالقبارى غرب الإسكندرية والتى تبدء تفاصيلها بقيام الأهالى ببناء عشش وأبنية أسمنتية مكونة من دورين أو 3 على الأكثر فوق سطح الأرض، وفوق ما يعرف بالجبانة القديمة للإسكندرية والتى يعود تاريخها إلى أكثر من 2300 عام.
والآن تشهد منطقة طابية الصالح بالقبارى، عددا من التصدعات ومناطق الهبوط الأرضى المتقاربة، والتى أدت إلى كسر فى ماسورة مياه الشرب، وتسبب ذلك فى انهيار أحد تلك العشش وتشريد 4 أسر الشارع، حيث فوجئ الأهالى بسماع انهيار منزل من المنازل العشوائية خلف البلوك رقم 10 بجوار مسجد الهدى.
وروى الأهالى الواقعة قائلين: "فوجئنا بمياه تخرج من الأرض، من عدة أماكن منها أرض ومحلات، وفوجئنا بحفرتين على بعد 5 أمتار بين كل منهما وعلى بعد 6 أمتار من المحلات التى تخرج منها الماء، وتوجهنا ببلاغ إلى شركة المياه، وجاء عدد محدود من قوات الحماية المدنية وعندما لم يجدوا إصابات أو وفيات انصرفوا".
وأضاف الأهالى: "أن مندوبى شركة المياه فقد حضرت متأخرا جدا بعد 4 ساعات، وتم قطع الماء عن المنطقة كلها، وتبين أن الأرض التى وقعت على الماسورة تسببت فى كسرها، وتبين أن الأرض مفرغة من أسفل تحت البلوكات".
وتابع الأهالى: "حى غرب وعد بحصر الأسر المتضررة لإيجاد حل ومساكن بديلة بالتنسيق مع محافظ الإسكندرية، ومازالت الأسر فى الشارع، كما وعد الحى بالتنسيق مع هيئة الطرق لإصلاح الهبوط الأرضى وأعرب الأهالى عن قلقهم من انهيارات جديدة فى منازلهم".
وقال أحمد محمد حسن فراج (صياد) صاحب إحدى العشش والتى تعرضت إلى انهيار أرضى، أن حى غرب قام بعرض نقله إلى إحدى الوحدات السكنية بحى العامرية، بإيجار شهرى 140 جنيها، مشيرا إلى أنه صياد "على باب الله" ولا يملك هذا المبلغ شهريا.
ظهور فتحات الجبانة القديمة تحت إحدى العشش المنهارة
ومن جانبه كشف عبد العزيز الشناوى "منسق الحملة الشعبية للنهوض بمنطقة مينا البصل" لـ"اليوم السابع"، أن الكارثة نتيجة واقعة تنقيب عن الآثار بالمخالفة للقانون منذ أكثر من شهرين، الأمر الذى أدى إلى تفريغ الأرض من تحت "البلوكات الشعبية"، وتسبب فى انفجار ماسورة الصرف الصحى وتصدع الأرض، وأصبح هناك عمق متر ونصف مفرغ تحت الأرض، كما أن الإصلاح الظاهرى الذى قامت به شركة المياه والحى لم يفلح وتصدعت الأرض فى اليوم التالى.
وقال الشناوى إن الحملة الشعبية حاولت الإبلاغ عن التنقيب المخالف المتكرر والأضرار التى قد يسببها فى المنطقة الشعبية، خاصة أنه حلم الفقراء فى تلك المنطقة وفى ظل وجود مقاولين تخصصوا فى هذا الأمر وإغراء أصحاب المنازل بمبالغ مالية كبيرة تصل إلى 30 ألف جنيه للتنقيب عن الآثار تحت المنازل ولكن دون جدوى.
انهيار إحدى عشش طابية الصالح بالقبارى
وأشار إلى أن الكارثة تهدد 120 أسرة هم سكان 10 بلوكات، تم الحفر تحتها وحذر من كارثة انهيار بلوكات أخرى، والتى تقع فوق الأرض المفرغة إثر التنقيب، مطالبا الأجهزة التنفيذية بالتدخل الفورى وإيجاد مساكن بديلة للأسر المشردة.
من جانبه، طالب الدكتور محمد مصطفى، مدير هيئة الآثار السابق، بإزالة العشوائيات بمنطقة القبارى غرب الإسكندرية، وإعادة تأهيل المنطقة للسياحة، وتحويلها إلى منطقة أثرية سياحية، مشيرا فى تصريحات خاصة بـ"اليوم السابع" إلى أن منطقة القبارى جزء من الجبانة الكبرى التى تقع على مساحة كيلو متر مربع، وهى الجبانة الغربية للإسكندرية قديما، حيث كانت الإسكندرية تحتوى على جبانتين غربا وشرقا.
الانهيار الأرضى أدى إلى كسر ماسورة مياه الشرب
وأوضح مدير هيئة الآثار السابق أن الجبانة الغربية تتميز بأنها جبانة المصريين الأصليين، حيث يعود تاريخها إلى 2300 عام، وتساءل إلى متى ستصمت الآثار عن منطقة القبارى؟، قائلا: "إن كلمة القبارى التى أطلقت على المنطقة مشتقة من "الرجل الذى يقبر الناس"، ومنذ بداية القرن العشرين، شهدت المنطقة عددا من الاكتشافات الأثرية وتم اكتشاف مقبرة الورديان ثم فى التسعينيات عند حفر كوبرى 27 ظهرت آثار، وتم اكتشاف موقع جبانة القبارى تحت الكوبرى، وظهرت المنطقة الأثرية ممتدة فى منطقة القبارى ككل".
وناشد باستحداث مادة فى القانون تنص على معاقبة كل من يحاول التنقيب عن الآثار فى منزله بمصادرة المنزل ومعاقبته بالسجن حتى تمثل رادعا وتمكن هيئة الآثار من هدم المنزل واكتشاف المنطقة الأثرية تحت المنزل.
وأكد العميد محمد شبانة، سكرتير عام حى غرب بالإسكندرية، لليوم السابع، أن الحى قام بعرض نقل الأسر المهددة بالمنطقة إلى مساكن المحافظة بحى العامرية، دون مقدم مالى، على عكس الإسكان الاقتصادى، الذى يبلغ قيمة المقدم 5 آلاف جنيه، وليس مطلوبا من تلك الأسر سوى مبلغ 140 جنيها شهريا، أى بمعدل 5 جنيهات يوميا للإيجار، وهو ثمن بخس جدا، مطالبا الأهالى بالتكاتف ومراعاة الظروف التى تمر بها البلاد حاليا.
وأوضح سكرتير عام حى غرب بالإسكندرية أن الحى قام بتشكيل لجنة لحصر كافة الأسر التى تقطن فى عشش تمثل الخطورة على أرواح قاطنيها، ثم حصر شامل لكل العشش، تمهيدا لإعداد مساكن بديلة لهم ونقلهم إليها، استعدادا لتسليم تلك الأرض لهيئة الآثار، لأنها بها شواهد أثرية.
خروج المياه من ـكثر من مكان بالمنطقة
وأضاف "أن تلك الأرض بها شواهد أثرية وبنى الأهالى تلك العشش على سطح الأرض ومعرضة للانهيار فى أى وقت، خاصة أن تحتها فراغات تعود إلى الجبانة القديمة للإسكندرية، بالإضافة إلى قيام عدد كبير من هؤلاء الأهالى بالتنقيب المخالف عن الآثار والحفر تحت المنازل، ما زاد الأمر سوءا، وتسبب فى الانهيار الأرضى الأخير.
وقال اللواء طارق مهدى محافظ الإسكندرية، إنه سوف يتم نقل 20 أسرة من ساكنى البلوكات الأكثر خطورة فى منطقة طابية صالح بالقبارى غرب الإسكندرية، إلى مساكن المحافظة المخصصة للأسر الأولى بالرعاية.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن حى غرب بالإسكندرية سيقوم بحصر تلك الأسر وبحث حالتهم.
وكانت هيئة الآثار بالإسكندرية قد أعلنت عن اكتشاف مقبرة مطلع الشهر الجارى بمنطقة جبل مهران بطابية صالح بحى غرب بالإسكندرية، حيث أشار محسن السايح مدير آثار حى غرب بالإسكندرية، إلى أن المقبرة عمرها 2300 عام وهى جزء من الجبانة الغربية للإسكندرية القديمة، وتعود إلى العصرين اليونانى و الرومانى.
دخول المياه إلى المحلات
الانهيار الأرضى الذى أدى إلى كسر ماسورة المياه
انهيار جديد عقب الإصلاح فى اليوم التالى
تصدع المبانى بسبب الانهيار الأرضى
العقارات تم بناؤها على سطح الأرض
