أحمد الجمال

ما يحدث فى سيناء.. ونواميس الكون السارية على الجميع

الثلاثاء، 03 فبراير 2015 11:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نبكى شهداءنا، ونتألم لجراحنا، وتتمزق أفئدتنا لثكلانا وأراملنا وأيتامنا، ونحترق فعليا من أجل الانتقام، ونقسم أنه لو طال الواحد منا أحداً من أولئك القتلة لقتله بدل المرة عشرات، وتفنن فى التنكيل به بغير رحمة ولا هوادة، ولكن هذا كله لن يكون سبيلا للمواجهة وحسم هذه المعركة التى قد تطول.. ذلك أن الكون له نواميس تسرى على الجميع، بعيدا عن الإيمان وعن الكفر، فالذى يخطط ويتقن الترتيب لما يريده استطاع أن يفعل وأن يستمر. وهكذا أخذ الإرهابيون بأسباب القتل والتدمير والتخريب وحرق البلاد وتمزيق قلوب العباد، فاخترقوا الأسيجة الأمنية ووصلوا إلى الهدف الذى أرادوه!

وعلى ذلك فمن الوارد أن تكون صفوفنا الأمنية مخترقة، إما بالعمالة والتواطؤ أو بالإهمال والتواكلية واللامبالاة، وكلها أمور قاتلة فى لحظات الحرب والمواجهة، سواء كان ذلك فى الداخل أم على جبهات القتال مع عدو خارجى!

وعلى ذلك أيضا يتأكد لصاحب القرار أن اجتهاده ودأبه وحرصه وإخلاصه ومعرفته، لا تكفى وحدها للمواجهة ولا يكفى معها فريق عمل محدود داخل الرئاسة أو فى بعض الأجهزة، ولكن المتمم لذلك ولا يلغيه ولا يقلل من شأنه هو توسيع فرق العمل فى كل مجال وكل اتجاه، وأؤكد أن هناك آلاف الكفاءات المخلصة من نساء الوطن ورجاله ومن مختلف الأعمار، ولكنهم لا يجدون التوجيه للمجال الذى يتفانون فيه!

إن من الواضح أن الإرهاب يستند إلى منهج الاعتماد على الرعب كأداة رئيسية فى تحقيق هدفه.. وهو منهج قديم اتبع من قبل العديدين، ومنهم التتار مثلا الذين كانوا تتحرك جحافلهم وتسبقها سمعتها فى البطش والقتل والتنكيل بالبشر، لذلك كانت الشعوب والجماعات تهرب من طريقهم وتترك ديارهم بغير أدنى وجود بشرى خشية الهلاك الوحشى، ومن هنا كان الغزاة يدخلون تلك المناطق بسهولة، لأنه لا مقاومة هناك ويغنمون ويسلبون ويمضون فى طريقهم مكتسحين كل شىء.

وهنا يذكرنا التاريخ أن مصر لم يصبها هذا الداء.. داء الرعب من الغازى المتوحش، وخرج جيشها ليصد جحافل التتار ويهزمهم ويمنعهم من الوصول داخل البلاد!!، وعندئذ يكون الدرس الأول هو أن نبطل مفعول سلاح الرعب الذى يستخدمه العدو الإرهابى، وأن نحمى منه ونحصن ليس فقط رجال جيشنا وشرطتنا وإنما كل المجتمع، إذ من الوارد أن لا يرتعد رجال الجيش والشرطة ولكن من الوارد أن يرتجف أهلهم من مصير مجهول يواجهه أبناؤهم، ومن الوارد أن يتفاقم مناخ نشر الشائعات والخوف من المجهول، بحيث يكفى أن يصرخ أحدهم بأن ثمة كيسا أسود بلا صاحب فى زاوية ما حتى يركض الموجودون بعيدا، ثم يتبين أنه لا كيس ولا يحزنون، ويكفى أن تتكرر إشاعات مماثلة ليتوقف البعض عن إرسال أولادهم للمدارس، أو عن الذهاب لأعمال أو عن نزول الأسواق، فيحدث الشلل ويدب الكلل ويبدأ التبرم ويتعاظم ويكثر التشكك فى قدرة القيادة وبعدها فى قدرة الدولة، ويصبح الوطن لقمة سائغة فى فم من أرادوا تدميره وإنهاء وجوده.

ولقد طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بثورة فى الخطاب الدينى، وشدد على حتمية مراجعة كثير من النصوص التراثية البشرية التى باتت مع الزمن والاضمحلال العقلى مقدسة أكثر من النصوص الإلهية، ولكننا هنا وبعد هذا الذى جرى ويجرى فى سيناء، نقول إن الثورة المطلوبة والمراجعة الحتمية يجب أن تكون فى كل المجالات وبسرعة قصوى مهما كانت المعوقات وكانت المخاطر!
لابد من ثورة فى أسلوب أداء الشرطة وثقافتها وتدريبها ووعيها والعلاقات بين رتبها وداخل هرمها الوظيفى.. وأيضا فى حياة أفرادها: دخلهم.. مسكنهم.. العناية بأسرهم وهلم جرا.

ولابد من ثورة فى الجامعات المصرية العامة والخاصة، لتنتهى فى أقرب فرصة تمثيلية أن لدينا تعليما جامعيا يرقى لمستوى أية دولة فى جوارنا ولن أقول الدولة العبرية الصهيونية، فما لدينا هو تعليم جامعى أقل من أى مستوى فى أية دولة متخلفة.. وقل مثل ذلك عن التعليم العام والتعليم الفنى وعن مرافق عديدة أخرى!

إن العار كل العار على تلك النخبة السياسية التى لم تنشغل يوما بالبناء والتنمية ولم يعرف عنها لحظة الإيثار والتضحية وترتيب الأولويات، وها نحن نراها متهالكة على المغانم ومتردية فى خطابها وعلاقاتها، وأخشى أن أقول إنها هى الأولى بالثورة عليها وإقصائها كلها عن المشهد لتتقدم أجيال وقوى تعرف حجم وعمق ما نحن فيه من خطر، وتعلم أن البرلمان ليس نهاية الدنيا وعلينا أن ننتهى من الجدل حوله لينعقد وكله عزم على أن ينخرط فى المواجهة الشاملة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة