منذ ديسمبر الماضى أعلن عن حركة محافظين مرتقبة، لتجديد الدماء، وإعطاء المزيد من المرونة والحركة لمحافظات «تيبست» على يد محافظين لم يدركوا خطورة المرحلة، ومهام المحافظ فى وقت تعيش فيه البلاد فى حالة تعادل حالة الحرب، وربما أصعب، لأنك فى الحروب، تعد الجبهة الداخلية وتحشدها تجاه عدو صريح واضح أمام عينك، أما الآن فنحن نحارب عدوا يسكن فى نفس العمارة، ونفس الشارع، وربما نفس مكتب العمل، أضف إلى ذلك أنه يكفرك، ويتوعدك بنار جهنم التى ستكون فى انتظارك إن مت بعد عمر طويل أو مت على يد أحد أفراد جماعته.أعود إلى حركة المحافظين التى بدأت تتواتر عنها مئات الأخبار ما بين أسماء يتم ترشيحها وأخرى تعتذر حيث لم يعد العمل العام مغنما فى أيامنا هذه وأخرى تطرح نفسها عبر وسطاء وتأتى تقارير الرقابة الإدارية سلبية تجاه عدد منهم.
أكثر من شهرين تواترت الأنباء عن عشرات الأسماء التى تدور فى نفس التركيبة المعتادة والمعهودة من أيام ثورة 23 يوليو، حصة للمستشارين، وحصة لقادة عسكريين سابقين يتولون المحافظات الحدودية، وحصة للواءات الشرطة لتولى المحافظات التى بها معاقل التيارات الجهادية والإخوان، وحصة لأساتذة الجامعة، هذه المنظومة المتوارثة لم تأت إلا باستثناءات، أستطيع أن أعددها لك، وما دون ذلك حدث ولا حرج، والدليل التردى فى كل شىء.
أدعوك إلى العودة إلى ما قبل 1952، حيث كانت البلديات قوية وعفية وتمارس دورها، كنت أعيش فى مدينة شبين الكوم، فى المنوفية، وليس العاصمة، وكنت أنعم بمدينة نظيفة جميلة، حتى شوارعها غير المرصوفة يتم رشها كل يوم بسيارة رش يجرها بغل، كانت هذه المدينة أشبه بمدينة أوروبية، لا تعديات فيها، تعلمت فى مدارس حكومية، فيها كل الملاعب، وفيها مسرح، وحصص للنشاط، كنت أشارك مدرسى فى عمل تجارب الكيمياء، والفيزياء، أى والله، لا أريد أن أبعد كثيرا وأعود إلى حركة المحافظين، ونسأل السؤال الأهم: ما هى المعايير التى يجب توافرها فى المرشح لتولى منصب المحافظ؟ هل نبحث عن رجل خبرة فى مجاله، بمعنى أن يكون مثلا أستاذ زراعة أو دواجن ليتولى الفيوم مثلا، أو رجل أمن ليتولى أسيوط، أم نبحث عن كفاءة فى الإدارة؟ أم نبحث عن رجل يمارس العمل العام، أم رجل سياسة؟
لا أنتظر الإجابة، ولكن الذى أعرفه أن أغلب زعماء الدول المتقدمة جاءوا إلى سدة الحكم عبر مرورهم بمناصب من نوعية منصب المحافظ، عبر عملية سياسية وانتخابات ديمقراطية، سبقتها انتخابات على مستوى الحزب، لذلك تجد شابا نابها يظهر نبوغه مبكرا ويخترق الصفوف ويتقدم فى حزبه، ويتولى وهو صغير منصبا قياديا، لتجده رئيسا للوزراء وهو فى أوائل الأربعينيات.نحن كمجتمع لا نؤمن بهذه التركيبة، وليس لدى متخذ القرار منظومة يستطيع أن ينتقى من خلالها الشباب الذين قد يبدون واعدين، فعلى أى أساس سيتم اختيارهم، لا شىء واضح، وحتى من سيتم تعيينهم فى منصب مساعدى أو نواب المحافظ هؤلاء أيضا سيتم رميهم بكل ناقصة، لأنهم بالتأكيد سيأتون لأن فلان رشحهم أو لأنهم أقارب علان، المحليات عصب مصر، منها تبدأ المشكلات، وعندها يتم تفريغ أى قانون من مضمونه، نجاح ثورتى 25 يناير و30 يونيو مرهون بنجاح ثورة ثالثة أقوى وأشرس فى المحليات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة