تتسابق القوائم الانتخابية فى الإعلان عن ضم وزراء سابقين إليها اعتقادا منها بأن هذا يعد دفعا هائلا للقائمة، وعاملا قويا لجذب أصوات الناخبين، كما شاع الحديث فى الآونة الأخيرة عن طرح أسماء بعينها لرئاسة مجلس النواب المقبل مثل، المستشار أحمد الزند، وعمرو موسى، والمستشار عدلى منصور. وإذا كان لدى هؤلاء بريق الشهرة الذى جاء من المناصب التى شغلوها، فليس معنى ذلك ضمان الفوز فى الانتخابات، كما أنه ليس شرطا أن نجد الأسماء التى يتم طرحها لرئاسة مجلس النواب المقبل تمتلك من الكفاءة ما يؤهلها لهذا المنصب.
أتعجب مثلا من وزراء سابقين سيتصدرون القوائم الانتخابية، أو يترشحون فرديا، بينما كانوا وزراء فاشلين ولم يتركوا أى بصمات مؤثرة، وبعضهم دخل الوزارة، وخرج منها دون أن يتذكره أحد، والمثير أن هؤلاء لم يتركوا منصبهم بإرادتهم، بمعنى أنهم استقالوا احتجاجا على سياسات لا يوافقون عليها، فكيف بعد ذلك يرى وزراء من هذه العينة أنهم الأجدر بالترشيح للبرلمان؟ وكيف يرتضى المسؤولون عن القوائم الانتخابية بذلك، بينما يتحدثون عن ضرورة التجديد وضخ الدماء الجديدة وتنشيط الحياة السياسة.
النائب البرلمانى فى واقعنا السياسى تكوين مختلف، وله ظروف مختلفة، فهو رجل يعيش تحت جلد أبناء دائرته، يعرف ناخبيها ويعرفونه جيدا، يلف فى شوارعها وحواريها ونجوعها وقراها، وليس شرطا أنه يحمل أعلى المؤهلات العلمية، أو أنه تولى أعلى المناصب السياسة، فكم من عالم محترم لا يقدر على خوض الانتخابات، ولا ينجح فى إدارة حوار حول الصرف الصحى والطرق المتهالكة وباقى الخدمات التى يحتاجها أبناء المنطقة التى يعيش فيها، وكم من سياسى يستطيع إدارة حزب وإدارة وزارة، لكنه لا يستطيع أن يخاطب ناخب سيذهب إلى الصندوق الانتخابى ليضع صوته طبقا لما سمعه من هذا السياسى، وتلك مسائل لا تعد نقيصة فى هذا أو ذاك، وإنما هى قدرات بشرية تكونت بفعل عوامل متراكمة.
فى تراثنا الانتخابى سنجد نوابا عاشوا تحت جلد أبناء دائرتهم استطاعوا هزيمة وزراء فى الانتخابات، وبالطبع حدث ذلك فى الانتخابات النزيهة، ويدفعنا هذا الى تحذير المسؤولين عن القوائم الانتخابية من الإفراط فى التفاؤل بترشيح وزراء سابقين على قوائمهم، فهؤلاء إذا كانوا غير مقنعين أثناء شغلهم منصبهم الوزارى، فكيف سيكونون مقنعين لناخب لم يحصل منهم على مصلحة حقيقية؟
أما فى قصة ترشيح أسماء بعينها لرئاسة البرلمان المقبل، بمعيار أنها كانت كفاءة فى الأماكن التى شغلتها، فهذا أمر خادع ويتم الترويج له بنظرة ضيقة وسطحية، وعلى سبيل المثال لا أفهم سر هذا الحماس للمستشار عدلى منصور لرئاسة البرلمان، فصحيح أنه شغل منصب الرئيس المؤقت لكن الطبيعى أن غيره كان سيشغله بنفس الطريقة التى شغلها، وهل كنا ننتظر مثلا منه أن يتمسك بالمنصب ويرفض مغادرة قصر الاتحادية؟ وإذا كانت بعض القوى السياسية تشكو الآن من قوانين أصدرها وقت رئاسته المؤقتة، فمن الطبيعى أن تعترض عليه فى منصب سياسى جديد ورفيع كرئاسة مجلس النواب، ويمتد طرحى هذا إلى باقى الأسماء، مثل عمرو موسى، والمستشار أحمد الزند.
فى طرح هذه الأسماء مقدما تأميم للمستقبل، واختصار للحياة السياسية على نخبة معينة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة